سياسة النظام البائد لم تكن تعتمد على الفساد والرشوة والاستبداد فحسب بل أيضا على المغالطة وتزييف الأرقام والاحصائيات لتلميع صورته في التداخل والخارج. فقد كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية في الحكومة المؤقتة مؤخرا على أن نسبة الفقر في تونس تجاوزت 7٪ وأن عدد العاطلين عن العمل قدّر بحوالي 700 ألف شخص 69٪ منهم سنّهم أقل من 30 سنة. فيما يقدر عدد العاطلين عن العمل من خرّيجي التعليم العالي ب 170 ألف شاب وشابة. لكن قبل ثورة 14 جانفي كانت الهياكل الرسمية لا تقدر على كشف مثل هذه الحقائق وتمارس المغالطة في وضح النهار فنسبة الفقر حسب أرقام واحصائيات النظام السابق لا تتجاوز 3.9٪ أي يوجد فارق كبير بحوالي 3٪ بين نسب الفقر ومؤشرات أرقام العهد السابق واحصائيات الحكومة المؤقتة. أما البطالة وخاصة بطالة أصحاب الشهائد العليا وخرّيجي التعليم العالي فيتم تقديمها بحذر وتعتيم مبالغ فيه رغم أنها كانت تؤمن وهذا الخطاب المعلن بأن البطالة معضلة كبيرة داخل تونس. وبالاستناد الى احصائيات المعهد الوطني للاحصاء بلغت نسبة البطالة في تونس ما بين سنوات 1994 و1999 حوالي 16.2٪ وتراجعت ما بين 1999 و2004 في حدود 15.2٪ والى حدود 14٪ فيما بين 2004 و2008. وعن أسباب تعمد النظام السابق أسلوب المغالطة وعدم اظهار الحقائق أفاد أخصائي في علم الاجتماع أن هذه الفوارق في الاحصائيات وانتهاج أسلوب المغالطة وتزييف الأرقام هي ميزة من مميزات النظام الاستبدادي فالدكتاتورية بصفة عامة لا تقوم على التفرّد في الرأي فحسب بل تعمد الى مغالطة المواطنين والقضاء على كل مصادر التوتر والاحتقان والالتفاف على مطالب الطبقة الفقيرة والمعطلين عن العمل.