طفح على سطح أحداث قطاع الطفولة بعد 14 جانفي بعض المطالب التي مثّلت محور تجاذبات بين وزارة شؤون المرأة وعدد من اطارات الطفولة الذين طالبوا بالقطع مع الماضي وإعادة الاعتبار لهذا القطاع الحسّاس. ورغم أن هذا المطلب مشروع وأساسي بإعتبار أن ثورة تونس قامت من أجل تطهير البلاد من رموز الفساد ومن الإستغلال الفاحش للنفوذ ومن تواجد أناس غير مناسبين في المكان الخطإ .. إلا أنه في رأيي قد جانب هؤلاء الصواب بمطلبهم حين شخّصوا مشاكل القطاع منذ العهد البائد وإلى اليوم في بناية الوزارة وتحديدا في شخص الوزيرة .. وغفلوا عن المبدإ الذي يفترض أنّ كل عملية تطهير لأيّ قطاع مهما كان تبدأ من القاعدة وليست من القمّة. صحيح أن هرم سلطة الإشراف على قطاع الطفولة بيدها مفاتيح بعض الملفات الساخنة التي تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة في شأنها .. لكن أيضا حين يدبّ التهميش والتهاون واللامبالاة والإهمال في عدد من المصالح الجهوية للطفولة .. فالإصلاح يكون من عُقْر ديار تلك المصالح .. وحين نجدُ اليوم بعض المسؤولين عن تلك المصالح هم أنفسهم الذين برعوا قبل الثورة في خدمة النظام السابق وزايدوا على «زملائهم», إطارات الطفولة الأكفاء, ومارسوا عليهم سياسة التهميش والتضييق بغاية تسييس أنشطة الطفولة البريئة لتبرير وجودهم في مناصبهم .. حين يحدث كل ذلك ألا يُفترض أن يكون المطلب الأساسي من الوزارة هو إحداث تغيير في مستوى تلك المصالح وفسح المجال للشخص المناسب ليكون في مكانه المناسب..؟ فكم من متفقّد طفولة مثلا يحمل في جرابه خبرة سنوات طويلة من الكفاءة والمعرفة الفعلية بالقطاع ومن العمل الميداني الجاد يستحقُّ اليوم أن يكون مكان رئيس عمله.. ؟ وكم من ملف في تلك المصالح تحوم حوله نقاط استفهام كثيرة نحتاج اليوم إلى الإسراع بفتحه والكشف عن ملابساته ؟ وكم من شهادة حقّ تحتاج وزارة شؤون المرأة اليوم للإستماع إليها مُباشرة من الإطارات والمُربّين والمربّيات للكشف عن كل التجاوزات التي عرفها القطاع في جهاتهم من أجل محاسبة المسؤولين عنها وبالتالي تشخيص القطاع وإصلاحه من جذوره وإبعاد المتسبّبين في تهميشه. فالوزارة رُبّما لم تنته بعد من عملية بثّ روح جديدة في مناصب التسيير بعدد من المصالح الجهوية للطفولة التي لم تستوعب بعد أنّ عهد التجاوزات قد ولّى وأنّ التهاون أو التسلّط في التعامل مع مكوّنات القطاع لم يعد مقبولا .. لذلك لا بُدّ أن ينتظر كلّ الغيورين على القطاع الأيام القليلة القادمة علّها تأتي بالمطلوب القيام به من أجل أطفال تونس.