تونس الشروق (كتب شكري الباصومي) الناشر: تانيت... جميع الحقوق «معدومة» كما جاء على الغلاف... العنوان: «النازي الأخير» التقديم: أدولف هتلر النوع الادبي: تحريض... الطبعة: الاخيرة... المؤلف: وليد الزريبي «منشورات سرية لحرق اليهود» هكذا جاء العنوان الثاني ليفسّر بيان النازي الاخير...! المهمة اذن دون إطال حرق اليهود...!؟ هل كان وليد الزريبي وهو يكتب مثل هذا الكتاب يدرك انه دخل عش الدبابير؟! مائة صفحة وأبواب وعناوين مداخلها الحرق ونهايتها الرماد... توهجات لابد منها ونداء الى «أحرار العالم» ومقدمة لأدولف هتلر وسمفونية حرق ورسالة وقحة الى ليفني تليق بمقامها... ورسالة عاجلة الى المثقفين العرب. من التوهجات نبدأ: «اسلّم لليهود بأن يكونوا شعب االله شرط أن يكونوا شعب االله المحروق!» «ولو قدّر لي أن أزج بكل يهود العالم في الجحيم فإن الكلمة الاخيرة التي ستبقى طقطقات النار ترددها: هل من مزيد؟». بدأ هتلر رحلته بالرسم بالألوان ولما اكتملت تجربته ونضجت انتهى الى الرسم بالنار. فما أروع لوحات الرماد». «لو كنت يهوديا (أعوذ با&)، لأحرقت نفسي بنفسي». «أنا لست محايدا ولن تكون الثورة قضيتي الابدية بصفتها أصلا لصنع الحياة. وبعد مقدمة هتلر (الطوفانية) يدخل وليد الزريبي بلغة عالية رفيعة في شكلها وتفرد اسلوبها الى «الترميدات». بوركت أيها الرماد! «عندما يترنّح يهودي مضروبا بعيار ناري فإن ملائكة بيضاء تظهر في الأفق»! «انهم ينامون في مدرّعة ولا يحلمون طوال الوقت وعندما ينفد العمر فانهم يطلقون (النار) على رؤوسهم...». الاسرائيليون يعيشون داخل أقبية ومستوطنات بإسمنت مسلح هي علامة المؤقت فقط والتي تنم عن وجودنا... اليهود يستحقون الموت حتى وإن كان سيقودهم الى الجنة!» وافضل شيء يفعله يهودي هو تنشق حذائك... لا يستطيع اليهودي خنق حمامة (ياحنيّن!) بيديه لكنه في ظروف أخرى يمكنه فصل الرؤوس عن الاعناق والبصق عليها». رغم اني كنت صغيرا فقد ادركت انه عليّ أن أحب هتلر... افران الغاز اجمل اغنية ألهمت الانسانية جمعاء». على كل يهودي ان يتقدم لأخذ مقاساته الدقيقة وليس علينا ان نفرّط في قماش الكفن لننبس مرّة واحدة كرمنا الحاتمي فالعالم اليوم يعيش أزمة قطن! ويتأسف وليد الزريبي على اختفاء ابراج نيويورك: «لو بقيت على حالها لامكننا ان نرمي من علوها أي يهودي في أي جحيم»! ويتغزل بنيران المحرقة: «يا لشراهة تلك النيران تلك النيران كيف أمكنها التهام كل تلك الجثث المكدسة دفعة واحدة دون أن تشعر بالنعاس أو تصيبها التخمة»! مطلب إنساني ويسخر الزريبي مما أسماه بالروائح النتنة لليهود: «بعد حرق اليهود عن بكرة أبيهم تم إغلاق كل مصانع العطور في العالم. هذا ما ورد في الخبر»! «استنساخ الهولوكوست مطلب إنساني طارئ أهم بكثير من (المغفور لها) دولي. نقول لليهود أسلم تسلم! لو كانت حبيبتي يهودية لتزوجتها فقط لأجسد بها التنور! «في مداخلة أمام الكنيست قال الجنرال متان فلنائي «حتى في أكثر أحلامنا وردية لم نكن نتوقع أن يأتي اليوم الذي يقوم الفلسطينيون أنفسهم بتصفية العناصر التي تهدّد الأمن الاسرائيلي!! فما رأي عباس ابن فرناس؟! وقال بن غريون «عجيب كيف يتفاوض العرب معنا فنحن سرقنا وطنهم فكيف أعترف لمن سرق وطني بسرقته وحقه؟!» كتاب «كفاحي» أجمل أغنية غزلية سمعتها وهتلر من رواد الرومنطيقية! «لست مسؤولا عن العرب الذين يأخذ اليهود قلوبهم وجيوبهم الى المحرقة!» إذا أمكن لليهود النيل من كل الأنظمة العربية، فلا شيء ينال من الشعوب. ويخلص الزريبي للحديث عن الذين وقفوا في وجه اليهود (غارودي نموذجا) في حين «تطوعت بعض الأنظمة العربية لوظيفة عسكرية برتبة «الحرس الخاص باليهود» وينتهي الفصل ب«تحيا المحرقة» ثلاثا! ولعل خاتمة الكتاب الموجعة «رسالة عاجلة الى المثقفين العرب» تكهنت بما سيحصل حيث قال ديفيد وارمز المستشار والمسؤول عن قسم «الشرق الأوسط»: « من ضمن خطتنا... أن ندرك أن الاعلاميين العرب كلهم أعداء... ولا بدّ من ايجاد اسطبل من الاعلاميين وظيفتهم القول دائما بأن إيران وسوريا هم المشكلة... أما الحمير فهم الذين سيصدّقوننا حين نقول لهم إننا نريد الديمقراطية. أما حظيرة الخنازير الذين يقتاتون من فضلاتنا فمهمتهم هي أن يقولوا كلما أعددنا مؤامرة: لكن أين هي المؤامرة؟! «أنت في المرمى...» الكتاب مفزع ومروّع وخطير لأنه أعاد المسألة الى جذورها... السامية وكره اليهود والعلاقة بين الصهيونية واليهود ولماذا نكرههم؟ لماذا يصمت العالم عن المجازر التي يرتكبها اليهود؟ ما سرّ هذا التواطؤ؟ لماذا يخضع كل العالم لأوامر اليهود أعني اسرائيل وضواحيها؟ وليد الزريبي حصد تأييدا عربيا ومحليا ساحقا تجلّى من خلال المقالات وأيضا الردود على الفايس بوك والجبهة التي تأسست لمساندته رغم بعض التحفظات التي بدت خجولة...! كتب الشاعر الفلسطيني جميل حمادة عن الكتاب قرأت أن لغة الكتاب عالية الايقاع وهو وثيقة أمام العالم ساخرا من حكاية «معاداة السامية». كما كتب الكاتب علي أفقير «كان من الطبيعي أن يكتب الزريبي بهذه الطريقة لأن العدوان كان قاسيا على الشعب الفلسطيني. وما أن صدر الكتاب حتى بدأت على الفايس بوك حملات المساندة ورأى البعض أن وليد الزريبي كان يجب أن يحمل على الأعناق فيما عبّر البعض عن قلقهم وخوفهم على وليد الزريبي فقد كتب له محمد فاتح الكافي «انت في المرمى يا وليد... ارم!» لأن خير الدفاع الهجوم. وفضلا عن المساندة العربية المطلقة تدخل عدّة كتاب تونسيين معبرين عن مساندة وليد الزريبي مثل ساسي جبيل الذي كتب: عاش وليد الزريبي مناضلا عربيا كبيرا وفلتة من فلتات هذا الزمن العربي المؤلم وليد معروف بموافقته القومية وخصوصا مع الأشقاء في ليبيا... هي ثورة فورة شاعر فاتركوه يعبّر ويعبّر.. عاش وليد مناضلا عروبيا.. وليد شاعر عظيم وبهذا الكتاب يكون قد أعلن نهاية اسرائيل.. دمت مناضلا أيها النازي الاخير. الناقدة والقاصة هيام الفرشيشي اهتمت ايضا بالموضوع متوجهة الى مجلة «أوان» الالكترونية التي هاجمت وليد الزريبي: أدعو مجلة «أوان» ان تدين المجازر الصهيونية في حق العرب التي فاقت النازية بشاعة وكانت مجلة «أوان» قد هاجمت الكتاب وكتبت بالخصوص: «نحن مع حرية النشر وضد الرقابة مهما كانت أشكالها، ولا نؤمن بمحاكمة الأفكار لكن العنصرية جريمة، والحث على التباغض بين الأجناس جريمة وليس فكرة، والقانون التونسي بالذات متشدد تجاه هذه الجريمة».. ونحن نستغرب ان يجد هذا الكتاب المشبوه والمليء بالحقد والدعوة الى التباغض ناشرا. وهذا الموقف جعل المجلة في حرج اذ هوجمت بشدة وتلقت سيلا من الشتائم جراء الموقف الذي رأى فيه البضع انتصارا للمجنزرة الاسرائيلية من جهة وتحريضا للسلطات على كاتب! تأييد... ومن أبرز الذين ذهبوا في هذا الاتجاه الشاعر عبد االله مالك القاسمي: «أنا مع حرية الكاتب في كتابة ما يراه صالحا للكتابة وللقارئ وحده حق النقد وابداء الرأي أما مصادرة الرأي وتجريم صاحبه والتحريض عليه فإنها من مهام السلط القمعية الدكتاتورية وليست من مهام السلط العلمية.. التي تقول عن نفسها إنها عقلانية متنورة مثل أسرة تحرير مجلة الأوان الالكترونية التونسية التي ترأسها الجامعية المعروفة رجاء سلامة... هل انقلبت الآية أم بلغ التطبيع الثقافي مرحلة وجب فيها تمجيد الصهيونية والترحم على قتلاها بدعوى نبذ الكراهية والعنصرية؟! هل تناست أسرة تحرير الأوان التقدمية العلمية المتنورة السياسة العنصرية النازية الحقيقية التي يمارسها الكيان المغتصب المكنى بإسرائيل على شعب مغتصب أعزل صاحب الارض والتاريخ؟؟؟ لماذا لم نسمع أسرة الأوان تدين اسرائيل او تشير اليها بالاصبع او حتى بالقدم بدعوى نبذ الكراهية والعنصرية؟؟؟ ألهذا الحد من الانبطاح والاصطفاف بلغ الأمر ببعض نخبنا الثقافية؟ لا أصدق حتى لا أفقد عقلي نهائيا. أما الكاتب عبد القادر بن عثمان فقد كان أكثر اتزانا مع منسوب وعي مرتفع: نحن مع حرية الفكر.. مع حرية التعبير عن الآهات والاوجاع.. مع الصراخ المرّ الذي يخلصنا من مكبوتاتنا ويداوي جراحنا... ونقول للحمقى ولتجّار الفكر والاخلاق كونوا مع من شئتم.. بيعوا كل شيء ولكن التاريخ سيفضحكم بمثل وليد الزريبي ومن لفّ لفهم الكتاب الأحرار... ليس لهذه الشعوب العربية المنهوكة المهمشة والمحتقرة من رصيد جديد سوى مآسي الاستعمار السابق وأحزان فقدان السيادة وآلام تدمير الاوطان والآمال، وحسرة سجننا في العتمات... فهذا ما زرع المجرمون ولا يمكن ان يحصدوا سوى الخوف والندم.. فمن يزرع الشوك لا يجني الا الجراح... إن من اليهود رجال شرفاء يقفون مع الحق ويدافعون عليه وهم أهل حوار وأخلاق وإنسانية ولكن الذين سلبوا وجودنا وقتلوا الأطفال والنساء وخربوا البيوت وشردوا العائلات في كل بلد من البلدان التي دخلوها فليس لهم الا مثل هذه النصوص الصواعق والقلوب البراكين والكلمات الزلازل... ويبدو ان وليد الزريبي بهذا الكتاب أراد أن يكون بركانا يقول ما لم تقله سنوات المتاجرة والسمسرة الصامتة للكتاب... فلتحيا مثل هذه البراكين والزلازل المفاجئة... ومع «أوان» تحركت مجلة «الأصدقاء» لتهاجم وليد الزريبي وتتهمه بالبحث عن التسويق وكذلك فعلت احدى الجمعيات الصهيونية بفرنسا التي طالبت بملاحقة الكاتب قضائيا في أوروبا، وهو ما اثار حفيظة بعض الفرنسيين من غير العرب الذين اعتبروا هذا التصرف الصهيوني حدا من حرية التعبير، وأن الكاتب لم يتجاوز حدود القانون ما دام يكتفي بالكتابة بالحبر والتعبير عن آرائه بالكلمة. ومع ازدياد الضجة والتهويل حول كتاب «النازي الاخير» يجد الزريبي نفسه بين معسكرين متلاطمين، أحدهما يتعاطف معه وينتصر لما كتبه، والآخر يندد بالكتاب ويعتبره «محرقة فكرية» لابد من إدانتها بين هذا وذاك يستهوي الكتاب عبر الانترنيت الكثير من القراء ليزداد بذلك طلبه وهو أمر سيساعد على انتشاره في «النازي الأخير» لم يتحدث وليد الزريبي عن اليهود في المطلق بل صوّب في اتجاه «ثقافة المجنزرات» والذين «أفتوا» بعدم وجود نظرية المؤامرة ونفوا ان يكون اليهود قد مارسوا الاستعلاء وأفسدوا في الارض وهي الناحية التي أغفلها المرحوم المسيري مثلا مثلما نفى حكاية البروتوكولات وقتل الأنبياء... الزريبي أذكى من ان يتعرض لليهود في المطلق ومنهم يهود تونس الذين تعايشوا طيلة مئات السنين مع العرب والمسلمين الذين احتضنوهم حين بدأت هجراتهم اثر المطاردات الاسبانية وغيرها وهو ما حاولت مجلة «أوان» اللعب عليه لتوريط الرجل في قضية التحريض على الأديان.. وطالبت بمصادرة كتابه!