هاتفني أحد قرّاء الشروق صبيحة يوم الاربعاء الفارط من ولاية مدنين، وخاطبني بآداب أهل الجنوب شاكرا لي ما أكتب في هذا الركن طالبا المزيد، ويدعى محمد مبروك ناجي وقال إنه يسكن بمدينة بني خداش بنهج مصباح الجربوع، وسألني إن كنت أعرف شيئا عن مصباح الجربوع؟ ففجّر هذا السؤال في صدري لغما انشطاري الشظايا أشد فتكا بنا من فتك «صاروخ جراد» بأشقائنا الليبيين كانت قد دفنته احدى قنواتنا الفضائية الخاصة في صدري وصدور آلاف المؤلفة الملآى نخوة واعتزازا برموز وأبطال هذا الوطن الثائر على الظلم والاستعباد في كل مراحله التاريخية. وذلك في حصة «ثقافية» موجهة الى ذوي الثقافة التي لا تفرق بين «ياغورتة» ويوغرطة في زمن البقر الحلوب هذا. وبين عليسة قرطاج وزينة القصرينية وفاطمة بوساحة على مسرح قرطاج في زمن تسطيح المعارف وتبليد الأذواق هذا. حيث «تمزودت» الثقافة و«تطبّلت» المعارف و«تبندرت» و«ربخ» «المثقفون» ورفعت منابع الثقافة والمعارف شعار «ليلة والمزود خدّام» والسلام. نعم زرعته تلك الفضائية في تلك الحصة حيث خرجت واحدة من كتائبها لتنشر البغاء الثقافي في الشارع علنا ومجانا لمكبوتي الفعل الثقافي وضحاياه وتصيّدتهم فردا فردا لتسألهم عمّن يكون مصباح الجربوع؟ فكان جواب أغلبهم مصباح الجربوع هو مطرب شعبي والله أعلم. وانفجرت كتائب البرنامج ضحكا كما لو كان الجواب أصابع قرد تدغدغهم تحك لهم سطح الرجل وكهف الإبط، وطال الضحك وتعالت شهقات القهقهة دون أن يعطوا لمصباح الجربوع اعتباره في الثورة وحقه في المقاومة للمستعمر والشهادة في سبيل الوطن اذ غيّبوه تماما وباعوا المسألة بضحكة، وفتحوا المجال لومضة اشهارية للياغورت والحليب والزبدة والجبن «فناديت يا أميّ هيا اليّ ورددي معي تحيا عجول البقر الحلوب».