سيدي منصور، من أشهر أولياء الله الصالحين عربيا، فبالإضافة الى الأساطير الكثيرة التي حيكت حوله والتي حولته من «غلام» زنجي الى ولي صاحب كرامات عديدة، بات اسم سيدي منصور يتردد على كل الألسن من خلال أغنية «الله الله يا بابا سيدي منصور». سيدي منصور، وتسميته الحقيقية «منصور الغلام» يقع ضريحه بالطريق الذي يحمل اسمه بصفاقس وبالتحديد بالنقطة الكيلومترية عدد 11 قرب «الناظور» أو «برج كرك» حسب ما ذهب اليه المؤرخ محمود مقديش في كتابه «نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار» تحقيق الأستاذين على الزواري ومحمد محفوظ. وقد جاء في نفس المرجع أن «منصور الغلام ذو كرامات مشهورة وفضائل مأثورة»، وقد كان عبدا لرجل من أهل صفاقس، وكان سيده يتركه بالليل يشتغل في غزل الصوف والقطن فيصبح كل يوم ويأتيه فيجده قد استوفى جميع أعماله. وذات ليلة، زار السيد عبده في مصنع الصوف، فلم يجده، فانتظره طويلا لكن منصور الغلام لم يأت، لكن في الصباح ولما زاره من جديد لاحظ وانه قد استوفى كل الأعمال وهو الذي لم يشتغل ليلا، فشك السيد في أمر الزنجي وقرر أن يراقبه في الليلة الموالية، وبالفعل لاحظ السيد في الليلة اللاحقة أن منصور الغلام لم ينهمك في الغزل، بل انهمك في الصلاة حتى كان الفجر ومع نسماته انتهى العمل دون أن ينجزه العامل منصور. وباعتبار غرابة الحادثة، راجت حكاية منصور الغلام بين القاصي والداني من أهالي المدينة، وكان الجميع يروي هذه الحكاية حتى بلغت السلطان فطلبه، لكن منصور الغلام اعتزل الناس واختفى عن الأنظار سنوات طويلة حتى عثر عليه ميتا ومغسلا ومكفنا في المكان المعروف اليوم بسيدي منصور شرق مدينة صفاقس. في ذاك المكان أقاموا له ضريحا وأصبح أهالي صفاقس وبعض الزنوج من افريقيا الذين يزعمون انهم من سلالته يزورونه في ضريحه الحالي الواقع على مشارف صفاقس ومباشرة أمام البحر. ويروى انه في أحد الأيام، قصد بعض البحارة طفلا للاعتداء عليه، فاختفى في تابوت سيدي منصور، ومع ذلك أصر الصيادون على ضربه، ولما أخرجوه كرها ماتوا جميعا قبل أن ينالوا منه. ويبدو أن هذه الكرامات المدونة والتي تذكرها كتب التاريخ وغيرها مما تتناقله الألسن بصفاقس وبالجنوب التونسي وببعض الدول الافريقية، جعلت من سيدي منصور من أشهر أولياء الله الصالحين وشهرته لا تختلف كثيرا عن شهرة سيدي بولبابة بقابس وغيره من الأولياء الصالحين بتونس.