تمثل جهة «سيدي عمر بوحجلة» جغرافيا القسم الجنوبي من سهل القيروان وتنتشر بها الآثار الرومانية، ويعرفها الناس ويشيرون اليها بوضوح خاصة عند مناطق الصعادلية والجهينات. وتعد منطقة بوحجلة معبر الأولياء والأمراء. لكن كيف جاءت التسمية. ومن هو سيدي عمر بوحجلة؟ أبو حجلة... السائح حين يتحدث الناس عن سيدي عمر بوحجلة يقدمون عدة روايات وسير تؤكد كرامات الولي الصالح المستمرة منذ قرون عدة يحددها البعض بالقرن الثامن للهجرة او نحوه. وككل الصلحاء ، قدم سيدي عمر كسائح من المغرب واستقرّ في هذا الموضع من سهل القيروان وقد عرف بحسن الغناء والعزف. وأكثر كرامات سيدي عمر انتشارا واثارة هي تلك التي يرويها شيوخ أحياء عن آبائهم الذين شاهدوا حادثة موت «المرابط» عامل القيروان حين خرج للتنكيل بأهل بوحجلة والاستيلاء على احباس سيدي عمر ويذكرون تفصيلات دقيقة مشوقة لهذه الحادثة. ومن كراماته ايضا ان حجلة (طائر) كانت تصحبه وتتولى لقط أيّة حشرة تقترب منه محافظة عليه وهو لذلك سمي ب«بوحجلة» واحترمه الناس وسيّدوه وحين توفي بنوا على قبره مزارا. ودلّ موقع المزار على ان بناء الضريح قد تمّ في عهد غير بعيد خاصة وان الموقع يخبئ طبقات من الآثار العمرانية غاية في القدم، واذا قورن بمواقع أثرية قريبة منه كموضع حديقة 7 نوفمبر شماله وفرن الجير غربه دل على انّ المكان كله كان يضمّ مجموعة من قرى زراعية رومانية يتوسطها بئر الحمام البلدي حاليا. ممر الفاتحين وتمتاز بلدة «سيدي عمر بوحجلة» بموقع استراتيجي بالنسبة لرقعة المعتمدية وسهل القيروان وجهة الوسط عموما، ومنها مرّ أبو جعفر المنصور حين اقام بالقيروان وتزوج اروى القيروانية على الصداق القيرواني، وعاد منها الى الشرق ليبني «الدولة العباسية» ومن الأكيد أن المعزّ لدين الله الفاطمي قد عبر وقافلته المحملة ذهبا من نفس المكان ليؤسس القاهرة في القرن الرابع للهجرة. هذه الأرض قد شهدت عبور ألاف من الأعلام وعديد الأحداث منذ تأسيس القيروان على الأقل وأثناء الحرب العالمية الثانية، وأثبت طريق الأعراض أهميته العسكرية عند انسحاب قوات المحور واطباق قوات الحلفاء عليها من الجنوب والغرب.