أثبتت مجموعة من السجناء التونسيين بإصرارهم على مواصلة الدراسة ونيل الشهادة الجامعية داخل السجن أنهم سجناء جسد فقط بينما الفكر وطلب المعرفة لا يمكن وضعهما بأي حال من الأحوال وراء القضبان وقد مثل السجين كريم مقديس الذي واكبت «الشروق» حفل تخرجه وحصوله على الإجازة التطبيقية في المحاسبة إستثناء في التفوق طيلة سنوات الدراسة عن بعد بالمعهد الأعلى للدراسات التجارية بقرطاج. والسجين وليد الجوادي هو كذلك طالب سجين بسجن المرناقية سوف يناقش رسالة ختم دروسه خلال الأسبوع القادم داخل السجن إلتقيناه على هامش حفل تخرج زميله كريم مقديش وكان الهدف من تمكينه من مواكبة هذا الحدث الهام هو التهيئة النفسية لنفس الظروف التي سيمر بها في الأيام القريبة القادمة. خروج عن المألوف... جلس السجين وليد إلى جانبي لمتابعة عرض ومشروع التخرج ولم أكن أدري أن إدارة السجن المدني بالمرناقية لم تفتح فقط المجال لعائلة كريم مقديش التي جاءت من فرنسا لمواكبة الحدث بل أيضا لبعض المساجين الذين أصروا على تسلق سلم العلم وهو وراء القضبان. وكانت فرصة هامة ليتحدث وليد عن ظروف الدراسة وحب العلم. وأفاد ل «الشروق» أنه كان يدرس إختصاص محاسبة بالمعهد الأعلى للمحاسبة كطالب مجتهد في حدود جميع إمكانياته لنيل الشهادة الجامعية. وأضاف أنه تم سجنه خلال جوان 2010 بتهمة التحيل فدخل السجن لقضاء مدة الحكم المقدرة بثلاث سنوات. واستدرك قائلا:« لم أكن أعلم أن السجين يمكنه مواصلة الدراسة لنيل الشهادة الجامعية واندهشت لما رأيت إصرار كريم مقديش على ذلك شأنه شأن الكثير من السجناء». وأوضح أنه قدم طلبا لمواصلة الدراسة ووجد كل الترحيب والموافقة من قبل إدارة السجن الذين لم يدخروا جهدا في ما بعد لتمكينه من جميع المستلزمات وتهيئة الظروف الملائمة للدراسة». وأشار إلى أن إدارة السجن تتكفل بجلب الدروس عن طريق السيد منير بن نصير مكلف بالخدمات الإصلاحية. وقال : «تجاوزت الامتحان الجزئي الأول والثاني ومن المنتظر أن يتجاوز المعدل 12 من 20 وإن شاء الله سوف أناقش رسالة ختم الدروس في غضون الأسبوع المقبل.» وأكد أنه كان حريصا على استغلال فترة السجن التي قضاها في الدراسة لنيل الشهادة تماما كباقي الطلبة والذين يدرسون بالجامعات. إرادة وذكر وليد أن إرادة الإصلاح تبدأ من الهياكل المعنية بالسجون ولكنها تحتاج إلى إرادة السجين ذاته الذي يجب أن يحرص على عدم خسارة سنوات الدراسة بخسارة الحرية ولم يخف أن الظروف الملائمة داخل السجن كان لها فضل كبير» وقال:« إن تمكيني من مواكبة حفل تخرج كريم له دفع معنوي كبير وسأعمل على أن أتوج مثله بعدد جيد جدا». وختم بمراعاة رغبته في تجاوز هذه الزلة التي قام بها وتمكينه من السراح الشرطي.