هو يقول إنّه لا يحتلّ أيّ موقع قيادي ولا قاعدي في حركة «النهضة»، ولكنّه الآن يمثّل إلى حدّ كبير تلك الحركة بل تجاوز تحرّكه ونشاطه وتصريحاته أو يكاد مجموع قيادات «النهضة» نفسها، يمتاز بحركيّة لافتة يجوب مختلف أنحاء الجمهورية يحضر مختلف الندوات لا يهمّه في ذلك إن كانت ندوات دينية أو سياسية أو ثقافية أو فكرية أو حتى فلسفيّة. يتحدّث أكثر من لغة ويُنشد أغاني ومعزوفات بلغة فولتير وغيرها من لغات العالم ، وهو يتجوّل كذلك في العديد من دول العالم وخاصة منها الأوروبية حيث يلتقي الجالية التونسية فيسعى إلى استقطاب رجال الأعمال منهم وليؤمّ المصلين منهم ثم لا يترك فرصة في مختلف مساجد تونس لإلقاء الدروس والمحاضرات الفقهية وكذلك فهو لا يفوّت الفرصة للحضور الإعلامي خاصة في القنوات التلفزية فيُجادل ويُناقش ويعترض ويوضّح في عبارات جليّة ودقيقة وواضحة لا لبس ولا عسر فيها على الإطلاق. عبد الفتاح مورو المهووس بالمحاماة والسياسة والدين والفقه رجل يتقدّم بشكل لافت لحيازة موقع مهم على المستوى الوطني، وقال مؤخّرا إنّ الحركة التي «ينتمي ولا ينتمي إليها» والتي كان من المؤسسين الأوائل لها قد عرضت عليه مقترحا لكي يقود حملتها الانتخابية القادمة..وما دام «سي عبد الفتاح «يُفكّر ويتقبّل العروض ويُخاطب الناس من كلّ الفئات وفي الداخل والخارج ومادام هو يتحرك وينشط على أكثر من صعيد فهو موجود وهو من ثم فهو «في صعود». في نزول: أحمد فريعة خروجه المفاجئ من قيادة حزب الوطن وانسحابه «غير المتوقّع» أوقعهُ في مطبّ سياسي أكثر من معقّد ضاعف من مصاعبه الّتي نابتهُ من جرّاء توليه الوزارة آخر أيّام الرئيس السابق ، ولم يُقدّم أحمد فريعة مبرّرات وجيهة للاستقالة الّتي أقدم عليها من الموقع القيادي الأوّل لحزب الوطن وكلامه الّذي أدلى به للتلفزة الوطنية لم يقنع أحدا عندما قال إنّه أيقن أنّه لا بدّ من ترك المشعل للشباب ولا بدّ للنخبة السياسية أن تتجدّد. العديدون يرون في استقالة فريعة شبه انهيار سياسي نتيجة التداعيات لخطإ سياسي «قاتل» ارتكبهُ الرجل بقبوله منصب وزير الداخلية أياما قليلة قبل 14 جانفي ، وكان البعض يعتقد في قدرات الرجل للعودة إلى الساحة وإلى المشهد السياسي عبر «الوطن»لكن شدّة المعترك تركهُ ينسحب بمحض إرادته ربّما في انتظار محطّة أخرى في المستقبل. الّذين يعرفون أحمد فريعة يقرّون بأنّه رجل أكاديمي بامتياز في المدرسة الوطنية للمهندسين وغيرها من المحافل والمنتديات العلمية، وهو رجل قد عانى الأمرّين من الإقصاء في فترات طويلة من حكم بن علي، ولا يستبعد عديد المحللين من ان تكون دعوته إلى تولي وزارة الداخلية في تلك الظروف الحساسة من باب توريطه لا تشريفه بتلك المسؤولية وهو الرجل الّذي كافح طويلا لكي يكون رجلا نظيفا مدافعا عن قيم الخير وعن مبادئ السياسة الوطنية الصادقة والرصينة ، وحتى لمّا تمّ المضي في إقصائه من دوائر السلطة والحزب الحاكم كان من القلائل الذين صعدوا للجنة المركزية للحزب الحاكم عن طريق الانتخاب القاعدي برغم التوصيات بشطب اسمه وعدم التصويت له. تلك هي السياسة «سي أحمد».. «يوم لك ويوم عليك».