«الحارة» و«حومة الواد» حيّان موجودان بقلب مدينة قفصة تعلقت بهما حسب الأهالي على مدى سنوات عديدة مشاريع وبرامج ومخططات وطنية ودولية للتهيئة والترميم وبعث حركية تنموية لكن من يطلع على حقيقة هذين الحيين ويتجوّل في أزقتهما ويدخل منازلهما يصاب بالذهول للوضع المزري الذي يعيش على وقعه أهالي «الحارة» و«حومة الواد» فالسمة الغالبة على منازل المواطنين البروز الواضح للتصدعات الكبرى في الحيطان والأسقف وانعدام ظروف الحياة العادية حتى بات المواطنون في رعب خاصة عند نزول الأمطار وخوف من سقوط مساكنهم على رؤوسهم في أسوإ حال في منزل تهدد غرفه المتواضعة بالسقوط مما يجعلهما يتنقلان من غرفة الى أخرى بحثا عن الأمان. نفس السؤال طرحه حسين بن يحيى (معوق) الذي يعيش حالة واضحة من العسر والضيق في منزل لا تصلح فيه الا غرفة واحدة تأويه مع زوجته المعوقة وأبنائه الثمانية. منزل آخر ألمّ به الخراب من كل جانب فهجره أصحابه وبعض سكان «الحارة» أكدوا لنا أنه إرث لخمسة اخوة يتامى توفيت امهم محروقة ومات ابوهم المعوق ولم يستطع ان يواصل اصلاح غرفة تأويهم فتشرد الابناء واحتموا ببعض أقاربهم! في موقع آخر من «الحارة» لفت انتباهنا الوجه الخارجي الجميل للمنزل الذي تسكنه «قليعية» يتيمة الأب والأم لكن بمجرد الدخول تقف على مظاهر الخراب والتصدعات في المنزل في شتى ارجائه تقول صاحبة المنزل ان ما تلاحظونه من مسحة جمالية خارجية هو نتاج سياسة تجميل الواجهات وتجاهل اصلاح المنازل التي تحوّلت الى ما يشبه الاكواخ في قلب المدينة. مبروكة كيلاني التي تعيش مع اربعة ابناء مازالت تحلم بتمكينها من منزل لائق في برامج «إزالة الاكواخ» وذلك منذ 10 سنوات وهي تواصل حياتها الصعبة تصارع تسرّب مياه الامطار بالأفرشة والحشايا المهترئة وقد اختصر ابنها الموقف مشيرا الى غرفة ضيقة دون تهوئة قائلا: «إننا نتقاسمها، فالبعض ينام فيها ليلا والبعض الآخر نهارا»! السيد مقداد. ك قادنا الى منزله حيث لاحظنا اهتراء شبكة الكهرباء والماء واعتماده عديد الستائر عوضا عن الأبواب ورغم محاولته القيام ببعض الاصلاحات فإنه بدا عاجزا عن انهائها وهو يتساءل عن نصيب «الحارة» من الاعتمادات المخصصة لتحسين المساكن ضمن البرامج الجهوية للتنمية لسنة 2011. السيد الناصر عبّر لنا عن مخاوفه المتواصلة من ناحيته على أبنائه بسبب تداعي جدران منزله للسقوط. نفس الهاجس أثاره السيد منجي سويسي الذي يعيش في منزل خرب في شتى ارجائه وظل عاجزا عن اصلاحه لأنه يعاني من البطالة وضيق اليد. وفي «حومة الواد» زرنا السيدة برنية حوايزية التي تعيش مع ابنها المعوق المتزوّج وابنتها المطلقة في منزل تنازعته مع «أملاك الدولة» على امتداد السنوات دون ان تصل الى نتيجة ايجابية وهي تطالب بالتملّك والمساعدة على اصلاح المنزل وتحسين ظروفها الاجتماعية. أما السيد عبد السلام لامين (86 سنة) فقد أكد لنا انه يعيش وأولاده في رعب حقيقي بسبب الخوف من الموت تحت ركام بعض أركان منزلهم المتداعي للسقوط. الأهالي شدّدوا على تمكينهم من مساعدات مالية لتحسين منازلهم مؤكدين على ضرورة قيام السلطات الجهوية والأطراف المعنية بدراسة شاملة للوضع العمراني ب «الحارة» و«حومة الواد» باتجاه اعادة تهيئة وإصلاحات عميقة تمكن المواطنين من العيش في أمن وسلام في منازلهم وفي ظروف مريحة.