في العراق اليوم كما في فلسطين هنالك سيناريو واحد متماثل يحكم «اللاعبين» الأساسيين وهنالك حقائق وتأثيرات يفرضها حجم القضيتين على المشهدين الاقليمي والدولي.. لكن يبٍقى هدف المشروع الأمريكي الصهيوني في ضوء هذه التأثيرات والحقائق هو «تذويب» الوطن بتذويب الكيان السياسي بعد عزل الصمود العراقي والفلسطيني والاستفراد بهما والإجهاز عليهما.. ولا شكّ أن معالم هذا السيناريو المتماثل تتجلّى بوضوح من خلال مشاهد الدماء والدمار التي نصحو على وقعها مع صباح كل يوم في الفلوجة و»تل عفر» والرمادي كما في جنين وجباليا والشجاعية وغيرها.. بل اننا عندما نتأمل الممارسات العدوانية الأمريكية في مختلف القرى والمدن العراقية نجد أن صورة الاحتلال الأمريكي للعراق تأخذ الأشكال ذاتها التي يأخذها الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين حتى بتنا وكأننا أمام تماثل محكم في العقلية والأسلوب والأهداف بين الأمريكان والصهاينة.. ولعلّ هذا التماثل يتجلّى أيضا وربما بشكل أكثر وضوحا من خلال «تبني» الاحتلال الأمريكي للعراق للاستراتيجية «الشارونية» للتعامل مع المقاومة العراقية بشكل جعلنا نرى في العراق الصور ذاتها التي نشاهدها يوميا في فلسطين من خلال عمليات التقتيل والتدمير والمجازر المروّعة التي ترتكب بحق الأبرياء ومن خلال مشاهد الدبابات التي تأتي على الأخضر واليابس فتقتل البشر والشجر والحجر مطلقة في ذلك نيرانها ومدعومة بالصواريخ وبطائرات الأباتشي وال»أف 16» وهي تقتحم منازل العزل وتنفذ عمليات هدم واسعة وتطلق النار بشكل عشوائي. وقد ظهرت هذه المشاهد بشكل غير مسبوق خصوصا خلال العدوان الأمريكي الأخير على الفلوجة وسامرّاء الذي حصد مئات الشهداء والجرحى والذي ترافق أيضا مع مشهد لا يقل دموية في غزة والضفة اللتين خضعتا ل»هجمة» شارونية ضارية أوقعت كذلك عشرات الشهداء الفلسطينيين. لكن وفي ضوء هذه المشاهد السريالية فإنه يتوجب التأكيد هنا على أن هذه «التراجيديا» والمجازر التي «تطوّق» العراق وفلسطين قد عزّزت في المقابل صمود العراقيين والفلسطينيين ووحّدت مواقفهم وأهدافهم بشكل جعلهم يرون أن المعركة في فلسطين وبلاد الرافدين هي معركة واحدة وهدفها واحد هو دحر الاحتلال الغاشم.. كما أنه يجب الاشارة أيضا في هذا الصدد الى أن هذه الجرائم وحرب الإبادة التي تستهدف الشعبين العراقي والفلسطيني سوف لن تلغي حق هذين الشعبين والأمة بأكملها في الدفاع عن كرامتها حتى النهاية.. وتلك حقيقة لا تخفى حتى على أعداء الأمة.