... أي عنوان يمكن أن يختاره المرء كي يصف احوال العالم اليوم؟! من يحاول ذلك تقفز الى ذهنه مفردات عديدة كالكارثة والخيبة والفاجعة... وكلها عناوين تصلح لقراءة المشهد الكوني في هذه الالفية الثالثة التي تختتم عامها الرابع بصورة معتمة وقاتمة كما يشهد على ذلك الوضع في العراق وفلسطين... والمحيط الهندي... ولا مبالغة في الوصف والتوصيف فهذا هو حال العالم بعد عقود من الآمال والوعود بالتقدّم والتحرّر... وبالامن والسلام... وليتأمّل أحدنا عام 2004 الذي نودّع والذي توقع البعض أنه سيكون عام التقدّم والسلام... صحيح أن هذا العام شهد انجازات علمية واختراعات تقنية... ولكن ل «ديكور» التطوّر أيضا وجهه الآخر... فعام 2004 هو في الوقت نفسه خلاصة ما سبقه من أعوام بسيئاته وفواجعه... بأهواله وكوارثه... فقد انقضى هذا العام بكوارث وزلازل مدمرة معلنا بذلك انه كان عام زلازل وكوارث تتكرّر حينا بفعل الطبيعة وفي اغلب الاحيان بفعل سياسات «كريهة»... فحال العرب اليوم لم يتغير وانما بقي يراوح مكانه هذا إن لم يكن قد ازداد سوءا مثلما يؤكد ذلك المشهدان «النازيان» في جرح العرب... في فلسطين والعراق... فالحملة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني خلال هذا العام بلغت اوجها بسبب الحرب التي يشنّها ضده شارون الذي واصل ممارساته الاجرامية وسياسة الاغتيالات ضد المدنيين والقيادات الفلسطينية الذين فقدوا خلال هذا العام زعيمهم التاريخي ياسر عرفات. لكن «تراجيدية» هذا المشهد لم تقلل في المقابل من عمليات المقاومة التي غدت اكثر ادهاشا خلال هذا العام واظهرت صمودا بطوليا ورباطة جأش غير مسبوقة بالرغم من المحنة التي عاش على وقعها الشعب الفلسطيني. وكما الشأن في فلسطين فإن المقاومة في العراق كانت «عنوان» هذا العام الذي نودّع بامتياز حيث ضاعفت عملياتها من مأزق المحتلين وأربكت مخططاتهم الى الحد الذي جعل اكثر من مسؤول امريكي وفي مقدمتهم الرئيس بوش نفسه ووزير دفاعه يعترفان بالمأزق في العراق ويقران بضراوة المقاومة العراقية... وقد توافق هذا المأزق في الواقع مع مجازر رهيبة وشلالات دم امتدت من النجف الى الفلوجة وسامرّاء وهيت والموصل وغيرها مما أثار غضبا وسخطا عميقين لدى الشعب العراقي الذي ايقن ان الامريكان انما جاؤوا الى العراق مدمّرين لا «محررين»، كما يزعمون وازداد هذا اليقين وضوحا مع «تفجّر» فضيحة «أبو غريب» التي كشفت عورات الغزاة والتي احدثت «رجة» في العالم لا تزال تداعياتها الى اليوم... وغير بعيد عن العراق وفلسطين تجد سوريا نفسها اليوم عند «مفترق طرق» حيث يتربّص بها الاعداء وباتت مهدّدة امريكيا واسرائيليا اكثر من ذي قبل خصوصا بعد احتلال العراق. ... وبعد كل هذا وذاك هل سيكون عام 2005 افضل من العام الذي انقضى... بالرغم من ان اكثر المتفائلين يستبعد ذلك في خضم الظروف الراهنة؟