الفتنة أطلت برأسها... الميدان رحاه ثقافية والهشيم مرّ حصاده... من النافخ؟ ومن فتح أبواب العاصفة؟ ومن حوّل الصراع من مطاردة شعبية لفلول نظام فاسد سقطت رأسه وبقيت منابعه التي تحتاج الى تجفيف؟ من له مصلحة في إذكاء نار الفتنة؟ لمصلحة من «اللبْننة» الفكرية التي بدأت تأخذ طابع العنف وتهدد بتفكك المجتمع التونسي الذي ظل متماسكا طيلة قرون معتدلا وسطيا لا مجال للتطرف فيه... اليوم تطل الفتنة... فتنة تحمل بصمات نعرفها... نعرف أصحابها المتسترين... خبرناهم في العراق ولبنان والسودان وعرفنا أساليبهم... التي تريد أن تمرّر مشاريع مشبوهة بإلهاء الشارع بقضايا وهمية... المال السياسي تدفق بشهادة السبسي نفسه وكل شحذ سلاحه ليبدأ الصراع بين أبناء الوطن الواحد... جرّبوا «العروشية» وفشلوا واليوم يلعبون ورقه التطرف الديني وتعبئة فئة ضد أخرى وشحنها لتقسم المجتمع التونسي إلى «كفار» و«مسلمين» وإلى «دار حرب» و«دار سلام». أين العقلاء؟ أين الحكماء؟ كيف انطلت عليهم الفكرة وكيف تخندق هذا في تلك الجبهة واصطف ذاك في جبهة أخرى؟ كيف لم يتفطنوا الى أن هذا الوطن العزيز الذي ظل منيعا مستعصيا على التشظي مهدّد بفتنة لا تبقي ولا تذر؟ كيف لم يتفطن المثقفون في هذه البلاد الى تعادلية تحفظ التوازن عمادها احترام مشاعر الآخرين أولا وعدم الاستفزاز ثانيا من كل الأطراف وعدم التهديد باستعمال العنف والتضييق على حرية الابداع المسؤول الذي يحترم المقدس ضمانا للتعايش السلمي. كان بورقيبة (على علاّته) يقول «لا أخشى على تونس إلا من أبنائها»، ما أحوجنا أن نردد مع الشيخ إمام «يعيش أهل بلدي...» معا من أجل وأد الفتنة...