«سيناريو الفتنة» موجود منذ مدة على الموقع الاجتماعي، ينشره ذوو المرجعية الإسلامية من باب «ما يجب تفاديه»، ويتقاسمه بعد خصومهم من باب ما يتهدد البلاد من السلفيين، لكن تفاصيل هذا السيناريو واقعية إلى درجة الرعب. السيناريو المذكور يحمل عنوان «خطوات محتملة جدا للبوليس السري»، لكن يجب أن نبدأ بالحديث عن البوليس السري، دون أن نعرف حقيقته أو حجمه، كما أنه لا أحد قدم لنا إجابة حقيقية وعملية عن وجوده بعد إلغائه كمؤسسة أمنية من وزارة الداخلية على الأقل رسميا. وتنشر العديد من الصور ومقاطع الفيديو على الموقع لأشخاص يقال إنهم من البوليس السياسي مع أسمائهم أحيانا، لكن ثمة مشكل في تعريف نشطاء البوليس السياسي، وكثيرون يعتقدون أنهم يشغلون خططا رسمية ظاهرية، أو لهم مشاريع خاصة للتمويه، وأنهم ما يزالون ينشطون تحت إشراف قوى خفية. أما عمليا فلم نجد غير التهم التي تفتقر إلى الحجج فيما كان في مقدور الجمعيات والحقوقيين أن يعطوا معنى لهذه الاتهامات ويعالجوا مسألة الأشخاص المحسوبين على هذا البوليس السياسي أمام القضاء. لنعد إلى وثيقة هذا السيناريو المرعب، وهي تقدم جملة من الأحداث المتوقعة هذا الصيف لإشعال الفتنة في البلاد، وفيها أشياء خطيرة جدا، ومحتملة أيضا في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد، مثل قتل أحد رموز العلمانية في تونس، أو تنظيم هجوم مسلح على مقاهي المفطرين في شهر رمضان، تنفذه عناصر إجرامية تضع لحى وملابس طويلة على هيئة «جماعة قندهار» كما يقول أحد المحامين. ويذهب البعض في التخيل إلى حد القول بأن فتيات قد يشاركن بأجر في مثل هذا الهجوم بالحضور اللافت والمثير للمشاعر في مقاهي المفطرين حتى تستوي حجة الهجوم. وفي نفس السيناريو أيضا احتمال الهجوم على الشواطئ والاعتداء بالعنف الشديد على المصطافين العراة، وخصوصا النساء بما يؤدي إلى إصابات بليغة أو حتى حالات قتل عمد. المشكل في هذا السيناريو المرعب أن أنصار النهضة والتيارات الدينية كلها يقدمونه على أنه من باب المكر، ويستحضرون القرآن الكريم: «وَإنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ»، فيما يقول في المقابل خصومهم إنه ما على التيارات ذات المرجعية الدينية إلا أن تضبط خطابها وخصوصا أنصارها. يقول محام معروف إن النهضة بصفتها وتاريخها مطالبة اليوم بضبط أنصارها وتوفير خطاب أخلاقي واضح ضد العنف بما لها من مرجعية أخلاقية. يضيف أصدقاء هذا المحامي تعاليق كثيرة في نفس الاتجاه من نوع: «النهضة وحدها قادرة على لجم التطرف في تونس، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها في هذا، عندما يقف رجل من النهضة أمام شخص متدين ومتطرف، يستطيع أن يجد معه حلا في الفقه والسياسة والأخلاق، أما عندما يقف حقوقي في مواجهة مثل هذا الشخص، فهو لا يملك أي أمل في إقناعه أصلا». «سوف يذهبون طويلا في هذا المشروع»، يكتب لنا أنصار الإسلاميين، «سوف يقتلون الكثير بسبب الحقوق العامة»، يكتب لنا خصومه، الاتفاق على أن الفتنة جاهزة بين الطرفين، ونحن البسطاء، نفكر وننتظر.