كان يكفي أن يتجرأ أحد الناشطين اليساريين في الموقع الاجتماعي على طرح استفتاء حول فتح المقاهي في رمضان لكي يصاب بالذهول، بسبب النتائج التي وإن كانت غير علمية، فإنها مفاجئة. سؤال الاستفتاء كان موضوعيا ومحايدا وهو «هل أنت مع فتح المقاهي والمطاعم في النهار في رمضان ؟»، وهو كما ترون سؤال وجيه في مثل هذه الأيام في ظل التردد الكبير الذي تعرفه البلاد ومطالبة البعض بفتح المقاهي من باب حرية المعتقد، ورفض آخرين بحجة أنه استفزاز لأغلبية مسلمة، فيما ذهب بعض المحسوبين على التيارات السلفية إلى حد التهديد باقتحام أي مقهى يفتح أبوابه في رمضان حتى وإن «استتر» بأوراق الصحف وفق المقولة الدينية «إذا عصيتم فاستتروا». وفي البداية ظهرت تعاليق متفائلة حول تسامح الشعب التونسي التاريخي مع المفطرين، الذين لم يزعجوا أحدا طيلة قرون ولم يعاقبهم أحد أيضا، كما كتب بعض الحقوقيين إن الإفطار حق لكل شخص سواء كان له عذر ديني مثل المرض أو التقدم في السن، أو عن قناعة شخصية. كما أن لا نجد في تاريخ الدول الإسلامية أن السلطة كانت تضرب الناس أو تسجنهم من أجل الإفطار. عندما تم إطلاق هذا الاستفتاء، انهالت المشاركات، التي تجاوزت 26 ألف تصويت عند منتصف نهار أمس، وجاءت النتائج مذهلة ومفاجئة: 21066 شخصا ضد فتح المقاهي في رمضان و5030 فقط توافق على ذلك. إن هذه النتيجة قد جعلت أحد الزملاء يكتب غاضبا: «أنا أصوم، فماذا يعنيني فيمن لا يصوم»، وكتب يساري ساخرا: «لم يبق إلا أن يخترعوا آلة لتبين المفطر من الصائم»، وتتالت التعاليق الساخرة من نتائج الاستفتاء الذي قد تكون مزورة، وقد يكون أن جهة ما قد ساهمت في النتائج بدعوة كافة ناشطيها إلى التصويت بكثافة برفض فتح المقاهي.بالتوازي مع ذلك، تم نشر خبر لم تتأكد بعد صحته عن تردد نقابة أصحاب المقاهي في فتح محلاتهم في رمضان خوفا من هجومات محتملة يشنها سلفيون أو متطرفون أو مندسون على المقاهي المفتوحة. وقال ناشطون إن بعض أصحاب المقاهي قد تلقوا تهديدات واضحة في هذا المجال. وكتب حقوقي شاب إن من حق المفطرين أن يطالبوا بمنطقة منزوعة من الصيام، حديقة البلفيدير مثلا، أما أطرف ما عثرنا عليه من تعاليق في هذا المجال فهو ما كتبه ناشط شاب: «فليغلقوا المقاهي والمطاعم، سوف أشتري حقيبة صغيرة مثل حقائب الأطفال أضع فيها لمجة وقارورة ماء، وأفطر متى أشاء».