نحّي الكاميرا المتغرّبة العميلة ونحّي قلمك المسموم والمأجور والمشبوه عن مقدّساتنا ومكوّنات هويتنا. بهذه العبارات وبمرادفاتها وددت الرّدّ على العابثين والمغامرين الّذين جرّأهم جهلهم وغرورهم ومساندة قوّى خفية داخلية وخارجية تريد الغدر بثورتنا المجيدة والنّيل من شعبنا العظيم وسرقة إنجازاته التي ارتقت به في مصاف الشعوب المتحضّرة وبوّأته مكانة فريدة في العالم حيث يفخر بالسّبق في تفجير ما أصبح يسمّى بالرّبيع العربي على التّطاول على مقدّساتنا ومكوّنات هويّتنا العربية الإسلامية. يتستّرون طورا بالإبداع وطورا بحرّية التّعبير وطورا بالحداثة وطورا بالدّيمقراطية ليمرّروا أجنداتهم القذرة دون أدنى احترام لهذا الشّعب العظيم. لمّا تبيّنت لهم السّاحة السياسيّة وموازين القوى وعرفوا أنّ صندوق الإقتراع سيقصيهم لا محالة وينزلهم عن المنازل المزيّفة والأرائك الوثيرة التي تبوّءوها بتخندقهم مع الدّكتاتورية ومارسوا من خلالها طوال سنوات سياسة الإقصاء والإستئصال يدا بيد مع النّظام البائد وتآمروا على كلّ قوى الشّعب الحيّة، لمّا تبيّن لهم كلّ ذلك لم يبقى لهم من بدّ سوى مواصلة التّآمر على هذا الشّعب العظيم ومحاصرة ثورته وأمام المتغيّرات التي طرأت على السّاحة بعد الثّورة لم يبقى لهم من خيار سوى إثارة الفتنة والبلبلة في البلاد والحيلولة بكلّ الطّرق والوسائل دون الإنتخابات وهنا عمدوا إلى المقدّس لعلمهم أنّ الصّبر على النّيل منه ليس سهلا وأنّ ردّة الفعل قد تخرج عن السّيطرة وتؤدّي إلى الفوضى وهذا غاية مقصدهم ومبتغاهم. بدأ خصوم الهويّة العربية الإسلامية و أعداء الثّورة باللّعب عبر المؤسّسات وحاولوا الإلتفاف على الثّورة من خلال هذه الهيئة الّتي سمّيت ظلما "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثّورة ..." فعيّنوا فيها شخصيات لا وطنية ولم يكن لهم أيّ دور في الثّورة بل الكثير منهم كان من أعوان المخلوع الهارب والكثير منهم افتضح أمرهم وتبيّن أنّهم متصهينون متاجرون بالقضية الفلسطينية، أمّ القضايا، يلهثون وراء التّطبيع ولا همّ لهم سوى إرضاء الصّهاينة المحتلّين ولمّا ضمنوا أغلبية من هذا النّوع قالوا لنا تعالوا ننتخب ونتّخذ قراراتنا بالأغلبية!!! ضحك على الذّقون والله ... وتقديرا لمصلحة البلاد فقد حاولت حركة النّهضة أن تقحم مبدأ التّوافق كوسيلة عمل في هذه الهيئة وقبلت الدّخول فيها رغم علمها المسبق بأقلّية أصواتها ولكن ما راعنا إلاّ ويوما بعد يوم نرى هؤلاء يحاولون خنقنا وشلّ حركتنا وتقييدنا واستباق المجلس التّأسيسي واستصدار القوانين والمواثيق وكأنّهم جهة شرعية منتخبة ووُضع التّوافق في سلّة المهملات و على النّهضة أن تقبل بهذه اللّعبة القذرة وإلاّ فهي غير ديمقراطية وها قد سقطت في أوّل امتحان تعايش ديمقراطي! أيّ منطق وأيّ مكر يمكرون! نفس أساليب برلمان العهد البائد الذي يسنّ القوانين على المقاس لإقصاء هذا الطّرف أو ذاك ولتمرير هذه الممارسة أو تلك ويريدوننا أن نقبل ذلك ... هيهات هيهات. برز الثّعلب يوما في ثياب الواعظين هذا هو حال أحدهم حين تكلّم عن موائد الإفطار في رمضان وضرورة حمايتها من المال السّياسي والله وحده يعلم إن كان هذا النّاصح الأمين له أدنى علم برمضان وفقهه وصومه وإفطاره ... قمّة الغباء والدّعارة السّياسيّة. في نفس السّياق تطلع علينا هذه "الفنّانة المبدعة" النّكرة الّتي لا نعلم لها إبداعا في مقاومة الظّلم والإستبداد ولا إسهاما في ثورة شعبنا المجيد بهذا الفلم المكيدة المغرض المتطاول على الذّات الإلاهية وتردفه بالتّبجّح أمام الكاميرا بأنّها لا تؤمن بالله ... مثل الّذين كفروا كمثل الّذين ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاء ونداء صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون. سورة البقرة أية 171. لم أجد أيّ إبداع في مثل هذا العمل ما عدا تسريحة شعرها الجميلة التي زادتها جمالا سبا العقل وألهاني عن التعرّف عن قرب على إنتاجها الهابط. من حقّ، بل من واجب كلّ مواطن تونسي مسلم أن يحتجّ على هذا العمل الإلحادي البغيض والأمر ليس مسؤولية زيد أو عمر أو هذا الحزب أو ذاك بل هوّ مسؤولية الجميع ومن باب أولى وأحرى هوّ مسؤولية الدّولة التي يعود لها حماية مقوّمات الهوية العربية الإسلامية للبلاد وهو مسؤولية مفتي الجمهورية الّذي عليه أن يقول كلمته بل فتواه في هذا الأمر وفي كلّ ما شابهه من الأمور وهو كذلك مسؤولية الجيش التّونسي الّذي من واجبه حماية البلاد والعباد وليست الأرض والعباد أولى بالحماية من الدّين والذّات الإلاهية بالخصوص. وددت لو أنّ المحتجّين على العرض الإلحادي في قاعة "أفريكا أرت" اكتفوا بالتّجمّع والإعتصام ومطالبة الحكومة بالقيام بدورها في حماية المقدّسات وصون الذّات الإلاهية من عبث العابثين فيكون بذلك عملا حضاريا لا يلامون عليه بل وقد يجمّع من حولهم الكثير من النّاس فالشّعب مسلم ولا يقبل هذه الخزعبلات وأنا متأكّد أنّ الأغلبيّة القصوى من أبناء الشّعب التّونسي ومهما كانت درجة تديّنهم والتزامهم لا ترتضي التّطاول على الذّات الإلاهية وقد رأيت بأمّ عيني الكثير من المعروفين بمعاقرة الخمر ودور الدّعارة ينتفضون انتصارا للدّين وأذكر أنّ الكثير من هؤلاء المسلمين حضر في تجمّع حاشد في بارن عاصمة سويسرا احتجاجا على الكاريكاتور المسيء للرّسول صلّى الله عليه وسلّم فبادر أحد المصلّين بمساءلة أحدهم سؤالا استنكاريا قائلا: ماذا تفعل أنت هنا في هذه المظاهرة المساندة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟ فكان الرّدّ مفعما ومعبّرا للغاية حيث قال وبلهجة الغاضب المحتجّ: "تحساب محمّد متاعكم وحّدكم"؟ ... بدون تعليق. أعداء الهوية العربية الإسلامية يمكرون ليل نهار، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، لكنّ الله خير الماكرين، وغاية مكرهم هو الهروب من صندوق الإقتراع وعدم الوفاء بالإستحقاق الإنتخابي حيث يقول الشّعب كلمته ويصدر حكمه الّذي لا معقّب عليه والدّعوة ملحّة إلى كلّ الشّعب التّونسي المسلم أن ينتبه إلى هذا المكر السيئ والدّعوة ملحّة أكثر إلى أبناء الطّيف الإسلامي ألاّ يعطوا أدنى فرصة لهؤلاء المتربّصين وألاّ ينزلقوا إلى ردّ فعل عنيف فالمعركة معركة أفكار وبرامج وإن حاول البعض أن يجعلها غير ذلك وعلينا أن نجعل قبلتنا المحطّة الإنتخابية ونصبر ونصابر ونبذل كلّ ما في وسعنا لإنجاحها وتجنيب شعبنا وبلادنا منزلقات خطيرة قد تأتي على الأخضر واليابس ونحن راضون مسبقا بما يقوله شعبنا وتلك هي الدّيمقراطية والحداثة والإبداع ولن يفلح أحد في جرّنا إلى معركة غير هذه المعركة وإلى وسائل غير وسائلنا السّلمية الدّيمقراطية ولن ننثني أمام أي تحدّ من التّحدّيات ولن نسكت عن النّيل من مقدّساتنا ومن الذّات الإلاهية تحديدا ودون ذلك دماءنا وأرواحنا و أموالنا وقد خبرتنا الأيّام ومحّصتنا المحن وفي ذلك عبرة لمن يعتبر. العربي القاسمي نوشاتيل / سويسرا في 29.06.2011