اليوم انطلاق تحيين السجل الانتخابي    في مسيرة لمواطنين ونواب ونشطاء .. دعم لسعيّد ... ورفض للتدخل الأجنبي    "دبور الجحيم"..ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران؟    الحرس الثوري الإيراني: تلقينا إشارة من طائرة الرئيس المفقودة    العداء الشاب محمد أمين الجينهاوي يتأهل رسميا لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024    انخفاض في أسعار الدجاج والبيض    الخارجية الإيرانية: جهود الوصول إلى مكان مروحية الرئيس متواصلة    يوميات المقاومة .. ملاحم جباليا ورفح تدفع بالأمريكان والصهاينة الى الاعتراف بالفشل...الاحتلال يجرّ أذيال الهزيمة    ردود أفعال دولية على حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني..    ماذا يحدث في حال وفاة الرئيس الإيراني وشغور منصبه..؟    البينين تشرع في إجلاء طوعي    انفعال سيف الجزيري بعد منع زوجته من دخول الملعب بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية (فيديو)    أولا وأخيرا .. «صف الياجور»    لَوَّحَ بيده مبتسماً.. آخر صور للرئيس الإيراني قبل سقوط مروحيته    قفصة: مداهمة منزل يتم استغلاله لصنع مادة الڨرابة المسكرة    حوادث.. وفاة 12 شخصا وإصابة 455 آخرين خلال 24 ساعة..    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    الزارات -قابس: وفاة طفل غرقا بشاطئ المعمورة    جندوبة: تحت شعار "طفل ومتحف" أطفالنا بين روائع مدينة شمتو    تراجع توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب مقابل ارتفاع في الاستهلاك العالمي    يوفر مؤشرات التخطيط الاقتصادي: اعطاء إشارة انطلاق المرحلة التمهيدية لتعداد السكان والسكنى    يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يتعرّض الى وعكة صحية إستوجبت تدخل جراحي    القيروان: الملتقي الجهوي السادس للابداع الطفولي في الكورال والموسيقى ببوحجلة (فيديو)    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    بعد "دخلة" جماهير الترجي…الهيئة العامة لاستاد القاهرة تفرض قرارات صارمة على مشجعي الأهلي و الزمالك في إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية و كأس الكاف    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    عاجل : ايران تعلن عن تعرض مروحية تقل رئيسها الى حادث    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    لماذا كرمت جمعية معرض صفاقس الدولي المخلوفي رئيس "سي آس اي"؟    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    بوكثير يؤكد ضرورة سن قوانين تهدف الى استغلال التراث الثقافي وتنظيم المتاحف    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    المنستير: القبض على 5 أشخاص اقتحموا متحف الحبيب بورقيبة بسقانص    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح صلاح ل «الشروق»: كثرة الأحزاب في تونس خطر على الثورة
نشر في الشروق يوم 11 - 07 - 2011

آثر القيادي الفلسطيني بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، المناضل صلاح صلاح، القدوم الى تونس باعتبارها الحراك العربي الرسمي بلا منازع، كيف يرى الرجل هذا المشهد العربي المتحرّك؟.. هل هي فوضى خلاّقة، كما نظّرت لها «غونداليزا رايس»، أم هي ثورة خلاقة؟
تونس (الشروق)
حلّ بيننا هنا بتونس، لفترة قصيرة لا تتجاوز خمسة أيام.. هو الذي عرف تونس منذ 1982، سكن فيها وسكنت فيه، فإذا به يمتطي الطائرة ويقدم الى هذه البلاد، أين عايش رفاقا وأصدقاء من عدد من ألوان الطيف السياسي التونسي.
كانت العلاقات السياسية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تونس حافزا للمخابرات وللبوليس السياسي، يتعقّب وفقها قدم المناضلين التونسيين الذين جعلوا ولا يزالون قضية فلسطين في طليعة القضايا العربية..
يقول «أبو ربيع» في معرض إجابته عن السؤال الأول حول زاوية النظر التي يتناول من خلالها هذه الأحداث العربية المتلاحقة، وهل هو حراك شعبي ذاتي أم حراك «مصطنع» بآليات وافدة، يقول بعد برهة من التفكير والتمعّن في السؤال:
الحراك حراك شعبي.. أساسه شعبي.. التدخلات تصبح خارجية على أساس ما يحدث من الشعب من الداخل.. في الحقيقة أنا ضد منطق «المؤامرة»، حين يتحدث عن «فوضى خلاّقة» يبدو الأمر وكأن هناك جهات أجنبية هي التي حرّكت الوضع، وفي هذا الموقف ألمس عدم ثقة بالشعب وبقدراته الخلاقة فعلا في تحريك الأوضاع.. برأيي ما يحدث من حراك، لا يدخل ضمن منطق الفوضى الخلاّقة، بل هي الثورة الخلاّقة.. نتيجة ظروف القهر والظلم التي عاناها ولا يزال الانسان العربي في كل مكان.. فهذا الحاكم المستبدّ.. والحزب الواحد واستشراء الفساد والاستبداد.. هذه كلها ظواهر تبرّر الانفجار الشعبي وهذا طبيعي والأمريكان في هذا الصدد، ليسوا مرتاحين لما يقع بل هم يحاولون احتواء ما يقع، بالمقابل، يمكن من هنا فصاعدا، أن تحدث «انفجارات» مخطط لها.. أو إشعال بؤر أخرى.. تكون معدة سلفا، إذ من الممكن جدا أن يقول الأمريكيون التالي: مادام هناك امكانية لوقوع هذه الظاهرة في البلاد العربية.. فلنحرّك قد يقول الأمريكان بؤرا نحن بحاجة الى وضعها في مقدمة الأحداث..
هنا يستشهد صلاح صلاح بالجزائر مثالا وأن بعض المحاولات هناك قد تكون تدخل في ذاك الاطار.. والدليل أنهم (الأمريكان) فعلوا ذلك، لم تقع لهم الاستجابة.. ولكن من الممكن أن يحرّكوا دولا عربية جديدة..
تقصد لبنان ؟
نعم، يمكن أن يتم ذلك في ساحة مهيّأة لأن يحدث فيها حراك غير مريح وأقصد لبنان.. لماذا؟ لأن هناك قوة في لبنان يمكن أن تستفيد.. فالمشهد الطائفي مهيّأ في لبنان.. وتيّار المستقبل (الحريري) لا رصيد سياسي له.. ولا هو حزب ولا هو يكتسب تاريخا نضاليا.. له فقط هذه النزعة.. فلبنان، أرضية مناسبة.. وهو مفتوح لتدخلات خارجية.. نحن مقدمون على وضع غير مريح هناك..
هل نفهم من كلامك، أن نزعة التشاؤم من هذا الوضع العربي المتحرّك، تغلب على سمة التفاؤل ؟
أبدا.. أنا متفائل بالمحصّلة.. هذا الشباب الذي فجّر الثورة بعد أن اعتقد الجميع اعتقادا ليس في محلّه.. أجدني متفائل.. وعلى فكرة حين سألت بعض الشباب المفجّر للثورة في تونس، أن لماذا انكفأ، وقد لاحظنا الانكفاء فعلا، قالوا إن ليس لهم تجربة سياسية.. وأنهم فضّلوا ترك الساحة للأحزاب.. وشهد هؤلاء الشباب، بالقول انهم رأوا الموت بأعينهم أيّام الاحتجاج والحراك.. وقال لي بعض الشبان انهم ركبوا الخطر وليس في أذهانهم ماذا سيحصل والى أي شيء سينتهي الأمر وسألني البعض، وهم في الحقيقة يتساءلون: كيف يمكن أن نساهم في تحقيق أهداف الثورة.. هذا ما يهمّنا..
وقلت لهم: ماذا لو تخطئ الأحزاب؟ قالوا: سنعود الى الشارع مرة أخرى.. وأضافوا عندنا استعداد دائم في أن نعود مرة أخرى بل مرات للاحتجاج في الشارع.. أصبح الخوف بعيدا عن نفوس هؤلاء الشباب لقد انكسر حاجز الخوف.. ومادام حاجز الخوف قد انكسر، فإن هذا الانكفاء ليس مخيفا.. وهذا الأمر ضمانة للمرحلة القادمة.
سألت المناضل الفلسطيني عن المصالحة الفلسطينية، وكيف يمكن أن ننظر الى ظروف وتداعيات هذه المصالحة، وهل هي بين «حماس» و«فتح» أم أنها تفهم على أساس أنها مصالحة بين كل الفصائل الوطنية الفلسطينية؟
يقول صلاح صلاح في معرض ردّه:
«كل الأطراف الفلسطينية المشاركة معا في ما يسمّى باحتفال المصالحة، لم تكن مرتاحة لأسباب عديدة..
أولا هذه المصالحة تمّت بين طرفين هما «حماس» و«فتح»، متجاهلة كل الأطراف الأخرى.. أطراف لم تكن شريكة في الحوار.. ولم تكن شريكة في مضمون الاتفاق ولا حتى بمتابعة هذا المضمون للاتفاق.. مثل ما ذكرت، لا يجعل من هذا الاتفاق اتفاق مصالحة وطني بقدر ما هو اتفاق بين «حماس» و«فتح».. والحوار بين هذين الفصيلين، لم يتعرض الى جوهر الاشكالية.. كما لم يجب الاتفاق على عدد من الأسئلة المطروحة: هل يكون الاستمرار وفق حلّ «حماس»؟ أم نستمر في منطق المفاوضات؟
أنا أقول انه ما دامت لا توجد رؤية سياسية تشكل أرضية أمام أي موقف سياسي فهذا يمكن أن يسبّب نكسة..
ثانيا: هناك الكثير من القضايا غير المحسومة والتي تحمل في طياتها اختلافات جذرية بدءا بحكومة «التكنوقراط».. فمن البداية كان واضحا أن «أبو مازن» كان يريد تشكيلة حكومية يمكن أن تتحاور مع الأوروبية وغيرهم، في ما هناك رأي يقول ان الحكومة يجب أن تكون محايدة.. هذا اضافة الى أن موضوع الأمن يحمل بداخله إشكالا.. هناك مشروع يمكن أن يعاد فيه جهاز الأمن ولكن بالتوافق.. إذ أن واقع هذا الجهاز اليوم، وكما يعلم الجميع، تقوده سياستان مختلفتان، ففي الضفة نجده ملزما بالتنسيق مع الاسرائيليين، انطلاقا من اتفاق «أوسلو»، وهنا يبرز سؤال: هل توافق حماس أن ينسق أو يتعامل جهازها الأمني مع الاسرائيليين؟ كذلك السؤال حول اللجنة التنفيذية ... وهي التي من المفترض أن تشكل أساس القرار الوطني الفلسطيني. إذن أي القرارات ستكون نافذة؟ إذن هناك بعض الأسئلة الجوهرية بقيت معلقة إذ أن كل هذه القضايا تشكل لغما والتجربة أثبتت أنها لا يمكن أن تبقى بلاّ حلّ.
هل تعتقد أن عملية الاعلان عن الاتفاق المصالحة لم يكن سوى «خبطة اعلامية» قد تكون لفائدة طرف واحد... كان بحاجة الى هكذا حدث أو لنقل احتفالية مهرجانية، أليس كذلك؟
هناك شيء من هذا... والخطورة هنا تكمن في أنّ هذا الاتفاق أنقذ «أبو مازن» من وضع كان يقلقه... وهو وضع السلطتين.. المصالحة أبقت على العقبة ، وفوّضته لمفاوضات بإسم كل الفلسطينيين... وبالمحصّلة سهلت المصالحة ل«أبو مازن» وضعية، كي يفاوض على أرضية أوسع.
لكن لماذا لم تعلنوا عن هذا الرأي، أقصد على الأقل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟
كان الاتفاق احتفاليا أكثر منه إتفاق يرتكز على تفاهم وتوافق... وقد حاول مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان حاضرا، أن يجهر بهذا الموقف حين اعترض على كلمة «أبو مازن»... فلم يُسمح له... لأنه سيعتبر نشازا... كان مطلوب أن تتمّ المصالحة بهذا الشكل السريع والبروتوكولي...
هناك من تحدث عن «سيناريو» لهذا الاتفاق أو هو مرافق للاتفاق، مفاده أن «أبو مازن»، تعب ويريد أن يسلّم «الجمل بما حمل» على أساس وحدة منجزة بين الأطراف الفلسطينية، فهل هذا صحيح؟ هل لك علم بهذا السيناريو؟
نعم هذا موجود... وقاله «أبو زمان» نفسه.
لننتقل الآن الى ملف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي مثلت أحد أهم مسؤوليها في الأوقات العصيبة، فهي تنظيم مرّ بعديد المحطات الصعبة من الحصار الى السجون. هل تعتقد أن دخولكم كجبهة شعبية الى الأرض المحتلة جاء لتنطبق عليه مقولة الحجّاج: إني أرى رؤوسا قد أينعت... وحان قطافها»... وأقصد تحديدا الأمينين العامين الشهيد «أبو علي مصطفى والسجين أحمد سعدات»؟
كان هناك نقاش معمّق وجدل كبير حول الموضوع... موضوع الدخول الى الأرض المحتلة لبعض القيادات... أم لا... في الأخير جسمت فكرة أن يدخل عدد من الكوادر والقيادات الى الداخل... في ما يخصّ الأمين العام «أبوعلي مصطفى» فقد كان هناك تقدير داخل الجبهة أنّ الرهان السياسي طريقه مسدود... وسيفشل... ونحن مطالبون كقوة فلسطينية معارضة أن نشكل ثقلا لاعادة تشكيل صفوف الشعب الفلسطيني لمواجهة الاحتلال.
كانت هناك تباينات في أوساط الجبهة الشعبية والسؤال كان: هل نتعامل مع السلطة (السلطة الفلسطينية التي أنتجتها اتفاقيات أوسلو) وكيف نتعامل مع السلطة... كانت الحاجة قوية بأن تكون هناك شخصية قوية تمسك الوضع الداخلي فحسمت المسألة على أساس أن الأمين العام يجب أن يكون في الداخل لأن مقرّ القرار الفلسطيني كان بالداخل (أواسط ونهاية التسعينات) ووجهة النظر هذه هي التي رجّحت أن يكون الرفيق أبوعلي مصطفى بالداخل... داخل فلسطين (المحتلة).
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحضر مؤتمرها هذا العام على ما أعتقد... ما جديد الجبهة والأمين العام لايزال يقبع في سجن الاحتلال؟
نعم تحضر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لمؤتمرها هذا العام.
أين سيكون مقرّ المؤتمر؟
(...) خارج فلسطين بالتأكيد... بمكان يمكن أن يمكّن كل أعضاء المؤتمر من الحضور... ففي فلسطين سيكون تحت «رحمة» الاسرائيليين وهذا غير ممكن... طبعا.
في الساحة اللبنانية، كيف تقيّم المشهد السياسي في لبنان، من حيث الحراك المستجدّ الآن بين الفرقاء اللبنانيين، وكذلك بخصوص التواجد الفلسطيني ووضع اللاجئين في المخيّمات الفلسطينية منذ 63 سنة؟
منذ 63 سنة يتواجد الفلسطينيون في المخيّمات الفلسطينية، وأنا واحد منهم...
الوضع في لبنان يبعث على الكثير من القلق، وبدرجة عالية من الحساسية... هناك تخوف من نتائج التطوّرات المترتبة عن موضوع قرار الاتهام من محكمة العدل الدولية والذي تشير فيه الى بعض الأسماء التي تنتمي الى حزب اللّه. هذا القرار سيستعمل وسيلة لتوتير الأوضاع الداخلية، ليس فقط لافشال الحكومة الحالية، حكومة الميقاتي ومحاولات دفعها الى الاستقالة وإنّما يريد أن يستغلّ هذا الموضوع لمحاولة تفجير الوضع الداخلي...
عناصر التفجير في لبنان موجودة من خلال القدر الكبير من التناقضات الكبرى داخل المجتمع اللبناني، وهذا الأمر موجود في نفوس الكثير من القوى الخارجية من أوروبيين وأمريكان، وحتى اسرائيل.
أما العنصر الثالث، فيهمّ سوريا التي كانت تلعب دورا مهدّئا وضابطا للساحة اللبنانية تعيش الآن ما تعيشه من تطوّرات... بحيث يفسح المجال للقوى التي تريد أن تلعب دورا داخل لبنان...
نحن الفلسطينيون أخذنا موقفا لا خيار لنا غيره: أن نبقى خارج التجاذبات اللبنانية اللبنانية. ونحاول أن نهتم أكثر من أي فترة ماضية بإعادة تجميع الشعب الفلسطيني. وهناك مساعي لمحاولة وجود مرجعية فلسطينية بديلة تهتم بالفلسطينيين في لبنان، يحرمون فيها من أبسط حقوقهم الانسانية والتي أضحت معروفة في أوساط الرأي العام العالمي... وهي ظروف صعبة.
ما يحدث في سوريا، كيف يراه صلاح صلاح السيّاسي وكيف تراه كمواطن عربي: هل هو الحراك الثوري والشعبي أم هو وضع مفروض وفق أجندة خارجية؟
أقول رأيي بصراحة، كمواطن عربي، يجب أن ننظر إلى الوضع في سوريا من جانبين، الأول وينطبق على ماهو في تونس واليمن وليبيا والذي يبرر الدعوات إلى الإصلاح... نظام الحزب الواحد والقمع والإرهاب والعائلة المتوازنة للحكم... كلها مواصفات موجودة، والتي تبرر الثورات الشعبية.
لكن في الشق الآخر من المشهد وهو غير موجود لا بتونس ولا بمصر وضمن حدود باليمن، وهو أنه وفي سوريا هناك على رأس السلطة شاب تحدث منذ بداية حكمه عن مشروع للإصلاح، ولمّا تأخر الإصلاح فإن الشباب في سوريا، حمل المسؤولية للحزب الحاكم وللمحيطين بالرئيس، فظلّ ( بشار الأسد) محافظا على نوع من الإحترام.
هذا أولا، أما ثانيا فإن موقع سوريا الجغرافي السياسي هو موقع حاضن للمقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية والمقاومة العراقية، ولهذا النظام مكانة خاصة، وفق ذلك...
ثالثا : إذا طالبنا بإسقاط النظام في سوريا، علينا التساؤل: من هي المعارضة؟ هم «الإخوان المسلمون» وهذا الخيار لا يثق به الشعب ولا يتمناه، وهناك قوى مرتبطة بالخارج، رفعت الأسد وعبد الحليم خدام.
سيكون الوضع غير مريح، إذا نطالب بإسقاط النظام وننتقل إلى مرحلة خوف...لذلك لابدّ من إصلاح النظام وليس إسقاطه...لو أن هذه الخطوات اتخذت مبكرا. لكانت الأوضاع أفضل مع العلم أن هناك أطرافا خارجية، لا تريد أن تصل سوريا إلى حلّ لكن بتقديري، النظام السوري سيتجاوز المرحلة، بإتجاه إصلاح جدّي من خلال تعديل الدستور وقانون الأحزاب...وأعتقد أن هناك خطوات إيجابية.
كيف ترى الوضع في ليبيا، هل أن تشعب الأوضاع، أمر مقصود، أم هي الأحداث التي أخذت منعرجا، قد يكون حجمها يفوق ليبيا بأسرها؟
أنا مع مبدإ التغيير والإصلاح وتجديد الأنظمة وحكم العائلة لا يجوز أن يستمر في ليبيا هناك مبرر للمطالبة بالإصلاح.لكن في نفس الوقت. أعتقد أن دخول حلف شمال الأطلسي يسيء للثورة...وهذا يفرض على الوضع في ليبيا نوعا من الشروط على الثورة، الحلف لا يتدخل لحسم الموقف ضددّ القذافي بل لإضعافه حتى يستعمله وسيلة للمقايضة والمفاوضة مع المعارضة بأن يفرض الحلف الأطلسي شروطه: علاقات مع إسرائيل مثلا... الحلف سيضع شروطا قاسية على المعارضة الليبية وسوف يشوه صورة الثورة والأهداف مثل الحرية والإستقلال...للأسف، أن القذافي كان بإمكانه أن يتخلى عن السلطة سلميّا، مادام يردد دوما أنه ليس له موقع في السلطة والحكم...
بعد كل هذه الجولة في المشهد العربي المتحرك أين تصنف ثورة تونس، هل هي ضمن المثال الأول أم الثاني؟
كنت في الجزائر قبل قدومي إلى تونس وإلتقيت مع عدد من القوى التقدمية هناك، وكنت أسمع منهم تقيّيما مفاده أن المكان الوحيد الذي عرف ثورة شعبية، هو تونس...لأنه واضح أنها ثورة من صميم الشعب، الشباب كان له دور طليعي وكذلك العمال عبر نقابتهم (الإتحاد العام التونسي للشغل) الذين كان لهم دور حاسم لفرض رحيل رأس النظام هذا ما لا حظته... لكن بصراحة أشعر أن هناك ثغرتين، تستطيع القوى الوطنية تعريفها:
أولا : المحرك المبادر الذي لعبه الشباب حصل فيه تراجع... لكأن الشباب تراجع عن دوره الطليعي...قد يكون للشباب أساليبه، لكن بقطع النظر عن هذه الأسباب لابد لشباب تونس الذي فجر الثورة الحقيقية والذين تحدوا القمع الذي مورس على أبائهم، أن يعودوا إلى ساحة الفعل وأن لا يتخلوا عن دورهم... هؤلاء الشباب الذين انتقموا لآبائهم الملاحقين من الأجهزة الأمنية...والذين يعانون من الفقر، مالازم يتخلوا عن دورهم ....هناك ثغرات: نقص في الوعي السياسي والتجربة لكنهم لم يتخلوا عن دورهم.
ثانيا : «هناك ثغرة يمكن أن تعالج وهي كثرة الأحزاب... هذا التعدد يضعف الحركة الوطنية...لأن التناقض يكبر بالتعدد الهائل للأحزاب...التناقض الذي يوجد بين مائة حزب، هو الذي يجعل إمكانية إعادة توحيد قواها يصبح أصعب...وهنا تبدو مسؤولية الأحزاب، كبيرة الناس كانوا يعيشون حالة كبت... لكن هناك خطورة من إستمرار هذا الوضع أتمنى أن هذه الأحزاب تلتقي مع بعضها البعض... من أجل صالح الثورة وتونس...
حوار فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.