هوس التونسيين بنجاح وتفوق أبنائهم في الدراسة يجعلهم أكثر حرصا على تمكينهم من متابعة الدروس الخصوصية طوال السنة الدراسية وحتى خلال العطلة الصيفية . والسؤال المطروح الآن : هل الدروس الخصوصية صيفا نعمة أم نقمة على التلميذ والعائلة التونسية؟ أشار الدكتور عماد الرقيق المختص في علم النفس أن اهتمام التونسي بالدراسة والأهمية التي تكتسبها هذه الأخيرة لدى الجميع تجعل الأولياء يصرون على تمكين أبنائهم من متابعة الدروس الخصوصية حتى خلال العطلة الصيفية رغم المصاريف الاضافية التي تلقى على عاتقهم ويكون الدافع الأساسي من وراء متابعة هذه الدروس إما البحث عن التفوق والتميز وإعداد التلميذ للسنة الدراسية الموالية أو لتدارك الضعف الذي يعاني منه التلاميذ في بعض المواد وخاصة المواد العلمية واللغات . الترفيه ضروري وذكر الدكتور عماد الرقيق إلى أن الصيف هو فصل الراحة والاستجمام والعطلة الصيفية هي مناسبة هامة لتخليص التلميذ من ضغوطات الدراسة ولذلك على التلاميذ والأولياء وضع العطلة الصيفية في إطارها الطبيعي باعتبارها فرصة مناسبة للترفيه عن النفس والاستمتاع بالبحر ومتابعة سهرات المهرجانات الصيفية والانخراط في النشاط الكشفي والمصائف والجولات وأخذ قسط من الراحة بعيدا عن الالتزام بمتابعة الدروس الخصوصية وأكد الدكتور عماد الرقيق على أن التلميذ في حاجة ماسة لممارسة الأنشطة التي ذكرناها سابقا للحفاظ على توازنه النفسي وتقيه من تبعات الروتين اليومي الذي عاشه طيلة السنة الدراسية . وعلى الأولياء الحرص على جعل أبنائهم ينخرطون في أنشطة ترفيهية منظمة وغير عشوائية ليحقق من خلالها الطفل والمراهق بعض المكاسب النفسية والاجتماعية على غرار دروس التواصل الاجتماعي والاستقلالية الذاتية والتعويل على الذات والثقة بالنفس . ولذلك أرى انه ليس من الضروري إثقال كاهل التلاميذ بمتابعة الدروس الخصوصية التي أكدت بشأنها العديد من الدراسات النفسية أنها غير مجدية بالنسبة إلى عدد كبير منهم نظرا لرفضها نفسانيا . وبالتالي على الأولياء إدراك مدى أهمية البعد النفسي في هذه المسألة والعمل على الابتعاد عنها وتعويضها بأنشطة ترفيهية تربوية مفيدة للطفل والمراهق وتساعده على تكوين شخصيته المستقبلية وتنمي مداركه العقلية وتوسع دائرته المعرفية والعلمية والاجتماعية . طريقة مناسبة أما إذا كان الأولياء مصرين على جعل أبنائهم يتابعون الدروس الخصوصية فانه يجب أولا مراعاة المدة الزمنية التي يجب أن تنطلق خلالها هذه الدروس والتي من المحبذ أن تكون بعد شهر أو شهر ونصف من حلول العطلة الصيفية حتى يتمكن التلميذ من اخذ قسط هام من الراحة ويتخلص من تأثير السنة الدراسية الفارطة . وعلى الأولياء الاكتفاء بإعطاء أبنائهم دروسا خصوصية في بعض المواد وليس جميعها حتى لا تتسبب كثرة المواد في إصابة التلميذ بحالة من الإرهاق الفكري وحتى لا يشعر انه لم يتخلص من قيود الدراسة وروتينها الذي لن يتقبله صيفا . وينصح الأولياء بضرورة عدم إرغام أبنائهم على متابعة الدروس الخصوصية حتى لا تتحول هذه الأخيرة إلى نقمة بالنسبة للتلميذ لان العملية التعليمية والتربوية ومتابعة مثل هذه الدروس تتطلب أن يكون التلميذ راغبا فيها ومستعدا لتلقيها . ويمكن أن يتعاون الولي والتلميذ والأستاذ على استغلال العطلة الصيفية لتحسين المستوى الدراسي العام للتلميذ دون حرمانه من الاستمتاع بعطلته الصيفية التي جعلت للترفيه بالأساس .