لم تعد تفصل تلاميذ المرحلتين الأساسية والثانوية عن امتحانات الثلاثي الأول من السنة الدراسية الحالية سوى بضعة أيام. ولذلك تجد بعض الحركية غير العادية في البيوت التونسية التي ستعيش مع أبنائها أجواء هذه الامتحانات. وهذه الحركية تتمثل في الإقبال على الدروس الخصوصية والتكثيف من المراجعة والحرص على متابعة التلاميذ عن كثب من قبل الأولياء لدفعهم نحو النجاح والتألق في الدراسة وبالتالي الحصول على شهائد الامتياز التي أصبحت هاجس الأولياء قبل التلاميذ في اغلب الحالات. وبالإضافة إلى كل ما ذكرنا يسعى الأولياء بصفة خاصة إلى استشارة أهل الاختصاص في المجالين التربوي والنفسي للظفر ببعض النصائح والإرشادات التي تكون بمثابة الدليل العملي لمساعدة أبنائهم على النجاح في الدراسة والتغلب على متاعبهما والابتعاد قدر الإمكان عن الفشل الدراسي. «الشروق» اتصلت بالدكتور عماد الرقيق المختص في علم النفس ليقدم للأولياء والتلاميذ جملة من النصائح العملية والعلمية للتغلب على الفشل الدراسي وتحقيق التميز والنجاح المرجوين من قبل جميع الأطراف المشتركة في العملية التعليمية والتعلّمية والتربوية. أسباب الفشل الدراسي يقول الدكتور عماد الرقيق المختص في علم النفس : إن تجاوز الفشل الدراسي لا يتم إلا إذا تعرف التلميذ على أسبابه وعمل على اجتنابها. وللفشل الدراسي كما هو معلوم أسباب متعددة قد تكون بيداغوجية أي مرتبطة بالمستوى الذهني المحدود للتلميذ أو تأخره في التحصيل العلمي خلال سنوات دراسته المتتالية , وقد يكون السبب متمثلا في توتر نفسية التلميذ واتصافه بالتهور وعدم النضج وعدم قدرته على تحمل المسؤولية وعدم انضباطه حيث تكثر غياباته عن الدراسة. بالإضافة إلى اتصافه بالتهاون في الدراسة وذلك بعدم كتابته للدروس التي يمليها عليه المعلم أو الأستاذ في القسم وعدم التزامه بالمراجعة اليومية بالمنزل رغم وجود الطاقة الذهنية اللازمة التي تخول له فعل ذلك. كما لا بد أن لا نتغافل عن وجود سبب آخر يساهم بشكل كبير في الفشل الدراسي ألا وهو عدم الاستقرار العائلي وكثرة المشاكل المادية والمعنوية والخصومات بين أفراد الأسرة الواحدة وخاصة الأم والأب مما يؤثر في نفسية التلميذ ويجعله غير قادر على التركيز والمراجعة ويمكن أن يؤدي هذا السبب به إلى الاكتئاب والضغط النفسي المرضي. هذا بالإضافة إلى الغياب المعنوي أو الفعلي لأحد الوالدين أو الاثنين معا وما ينجر عن ذلك من إهمال للطفل وعدم رعايته والاهتمام به وهذا الأمر يعمق إحساسه بالوحدة والألم النفسي الذي ينعكس بصفة آلية على مدى قدرته على الفهم والاستيعاب ومدى قابليته للدراسة بصفة عامة. وبالتوازي مع ذلك تؤدي كثرة الاهتمام به و«الدلال» المفرط وعدم وجود ضوابط من خلال التربية المتساهلة إلى انتفاء الضوابط والحدود لدى التلميذ فيتصرف كيفما شاء فتتعدد غياباته عن الدراسة ولا ينضبط أمام قوانين المدرسة ولا حتى المجتمع. الإصغاء للتلميذ ويشير الدكتور عماد الرقيق أثناء تحديده لأسباب الفشل الدراسي إلى بعض التفاصيل الثانوية التي تحكم علاقة التلميذ خاصة المراهق بوالديه , فيقول : على الأولياء الانتباه إلى بعض تصرفات الأبناء قبل وأثناء الامتحانات أي قبل صدور النتائج وانطلاق عملية محاسبة التلميذ على نتائجه الدراسية. فالتلاميذ خلال هذه الفترة يكونون في حاجة ماسة لأولياء أمورهم لتشجيعهم وشد أزرهم وان ابدوا عكس ذلك , فأحيانا يكون افتعال الأبناء لبعض الخصومات مع الأولياء بمثابة النداء» SIGNE D'APPEL» موجهة لهم لإنقاذهم والاهتمام بهم والتحاور معهم وهذا أمر مؤكد ومهم ويجب الانتباه إليه من قبل الأولياء. فسلوك المراهق لا يمكن أن نفسره دائما على انه عنف أو رفض وإن بدا كذلك بل علينا الانتباه إلى أن خلف هذا السلوك الرافض والعنيف نداء إغاثة ودعوة إلى الاهتمام والمساعدة خلال فترة الامتحانات. مساندة وترفيه من النصائح التي يجب على الأولياء الحرص على تنفيذها خلال فترة الامتحانات هي الإقلاع عن إهانة أبنائهم وان كان مردودهم ضعيفا. ويجب أن يكون الولي موجودا إلى جانب ابنه طوال فترة المراجعة والاستعداد للامتحانات. وعلى الولي أيضا أن يتصل بالإطار التربوي للاستفسار عن نتائج ابنه الدراسية وان يضبط مع المربي طرق مساعدته على تحسين نتائجه ودفعه إلى جعله أكثر قابلية للدراسة والتركيز والمراجعة. الابتعاد قدر الإمكان عن الخلافات الأسرية المادية والمعنوية حتى لا يشعر التلميذ بالضيق والإحباط , حتى وان كان الأولياء متعبين أو متوترين أو ليس لهم دخل مادي يكفي لسد حاجاتهم اليومية والاهتمام بالطفل ومحاولة إبعاده عن هذه التفاصيل التي ترهق نفسيته وتؤثر سلبا على مدى قابليته للدراسة ضمانا لتوازنه النفسي والعاطفي. ضرورة توفير أجواء من الراحة والسكينة والهدوء خلال فترة الاستعدادات للامتحانات مع توفير قدر معين من الترفيه للتلميذ خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع من خلال نزهة في المناطق الخضراء والمنتزهات ليتمكن التلميذ من تجديد نشاطه الذهني وتتحسن قدرته على الاستيعاب والفهم والحفظ أيضا.