«المشروع مشروعكم والفكرة فكرتكم والمبادرة منكم بمجرّد تقديمكم لهذا البرنامج وجدت نفسي ملزما بقبوله وتوفير الأرضية المناسبة له» هذه كلمة الافتتاح للمندوب الجهوي للثقافة في الملتقى الوطني للأدباء الشبان بسوسة. على مدار ثلاثة أيام وبتنظيم من المندوبية الجهوية للثقافة بسوسة بالاشتراك مع لجنة الدفاع عن حقوق الأدباء الشبان انعقد في نهاية الاسبوع المنقضي بالمركب الثقافي بسوسة الملتقى الوطني الأول للأدباء الشبان بمشاركة قرابة خمسة وعشرين شابا وشابة من عشر ولايات تونسية من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب جمعهم حب الشعر والقصة. في اليوم الأول لهذا الملتقى تراوحت فقراته بين المداخلات الأدبية حيث قدّم الشاعر أحمد شاكر بن ضية مداخلة نقدية بعنوان «صورة البطل في «كأنني أرمم هذا الخلود» للشاعر سامي الذيبي وأيضا المعزوفات الموسيقية من تأمين فرقة النوارس. ورشات برتبة دردشة توزعت فقرات اليوم الثاني بين العمل الورشاتي في إطار مسابقة الذي انقسم الى ورشتين: ورشة الشعر باشراف صالح النباوي، وأحمد شاكر بن ضية وسفيان رجب ومحمد أمين بن علي وورشة القصة باشراف الشبان مديحة جمال، وفايقة القنفالي ورفيقة البحوري، وتمت في هاتين الورشتين مناقشة النصوص المقدمة في أجواء أدبية طريفة كانت بمثابة الدردشات حيث كانت الملاحظات في إطار اتفاق جماعي. مواهب جديرة بالاهتمام والتقدير الفقرة المسائية لليوم الثاني والصباحية لليوم الختامي خصصت لسماع مختلف النصوص للشبان المشاركين الذين عكس جلهم مستوى طيبا وخيالا خصبا بما جادت به قريحتهم من صور شعرية عميقة وتنظيمات شعرية نثرية ذكية مما يحتم تأطير هذه المجموعة ومتابعتها في ظل الاهتمامات السطحية والسخيفة في بعض الاحيان التي تسيطر على العديد من الشبان. الكل فائزون! بلغ عدد النصوص الشعرية المشاركة في المسابقة عشرة ابتسم فيها الحظ للشاب مهدي غانم الذي تحصل على الجائزة الاولى بنص عنوانه «في القبر ممالك عالية» وآلت الجائزة الثانية الى الشابة إيمان حسيون بنص «حبيبي بطل من ورق» أما الجائزة الثالثة فكانت مناصفةبين أشرف نعيم النباوي بنص «نشيد الحرف» والشاب عادل العيفة بنص عنوانه «دم الارض ملء نشيدي». أما النصوص القصصية فقد بلغ عددها تسعة حازت فيها الشابة انتصار المصراطي على الجائزة الاولى بنص عنوانه «طفولة» وتحصلت الشابة وفاء خليل على الجائزة الثانية بنص «وجهي لا يشبهني» وآلت الجائزة الثالثة مناصفة الى الشابتين نورة مجدوب بنص «الديوان» وأمينة الكوكي بنص «صدفة». اختتام ولكن...! وبقدر ما تميز حضور هؤلاء المواهب في هذا اليوم الختامي مثل بقية أيام الملتقى بالحماس والحيوية فإن أجواء التتويج كانت باردة حيث كان من الممكن شحن عزائم هؤلاء الشبان بحضور مديرة المركب الثقافي أو أحد المسؤولين أو بعض الاسماء الادبية المعروفة والتي لا ندري ان كانت غائبة أم مغيبة طوال الملتقى ولعل الشاعر صالح النباوي المخضرم كان العلامة المضيئة الاكبر في هذا الملتقى بحسن تأطيره لهؤلاء الشبان وتحفيزهم ولعل من أكثر الكلمات تأثيرا هي التي عبر عنها في اختتام الملتقى قائلا «لماذا نلتقي؟ فيم نلتقي؟ هل طفا ما نلتقي من أجله على خصوصيتنا؟ هذه حيرتي التي خرجت بها في هذا الملتقى فنحن أسسنا للملتقى الذي يجب أن يكون... وعمقت معاني هذه الكلمات دموع عم صالح النباوي الذي كان مؤطّرا برتبة أب في ملتقى تجاوز صفة الارتجال التي صاحبته ليعانق الابداع في جرأة مشاركيه وانشغالهم بحب الكلمة ونبل لقائهم في وقت مازال البعض يراهن فيه على مهاترات اشعال النعرات الجهوية.