أثار مهرجان عامر بوترعة في دورته الجديدة جدلا كثيرا بسبب ما أبدي فيه من رؤى لابد أن تكون بوابة لاعادة تشكيل المشهد الادبي ووجوهه وقضاياه وهذا ما اجتهدنا لتحقيقه ونظرا لما أثارته البيانات الثلاث التي بدت غير تقليدية وغير مألوفة في الساحة ونظرا لاهميتها أنشرها في هذه الورقات التي لم نقصد بها كتابة متابعة تقليدية. البيان الأول: رسالة صوتية الى أولاد أحمد ( 1 ) سعداء بفيالق الشعراء تغزو مدينتنا سعداء بالشاعر يأتي بعد أن كبّلوا يديه سعداء بالشاعر الذي أقصتْه فيالق النميمة سعداء بهذا الشاعر يعود اليوم ليصمتوا له مثلما يشتهي وليقبلوه كثيرا وليزعموا له الكثير من معاني الحنين والشوق... الشاعر أولاد أحمد اسمح لي أني اتخذت فيما مضى من الكلام فستان قصيدتك «سعداء» لقول بعض الكلام أما بعد فهذه بوزيد كما عرفتها... نفس الوجوه التي تركتها تتوثب لتتخذ الكاتب هزءا مازالت رابضة هناك... هي ساعة ليسقط كل من لا صلة له بالمشهد الثقافي ومن جاؤوا الى الثقافة، من ميادين أخرى... هذه ساعة تعلنك فيها نجما في هذه المدينة بعد أن سعينا منذ أعوام الى هنا سعينا الى عودة كتاب الجهة المغتربين والمقصيين والحمد لله ها أن وجوهكم جميعا بيننا وأننا نلتقي تحت راية الكلمة التي تؤسس لمستقبل البلاد وأحلامها... هذه أبواب سيدي بوزيد إذن / وهذه حشرجاتنا في ظل غيوم مازالت تبدو في سماء المدينة... البيان الثاني: بيان لجنة التحكيم لأجل أن نصفع الرداءة الأدبية نبدأ هذا المرسوم الادبي بخواطر تجول في الاذهان عن مستقبل النص الادبي في البلد... وهو المستقبل الذي تحمله هذه الاقلام وهذه الاصوات المنتشرة هنا وهناك والتي تختلف تجاربها ومستوياتها وتصر على أن تؤثث هذه الفضاءات الادبية... حيث لاحظنا أن الواجب يحتم علينا اليوم اعتبارا لرغبتنا في أن يكون هذا الملتقى تأسيسا للكلمة التي ترفع راية البلاد وتصنع ربيعها الأدبي أن نتجاوز ما اعتادت عليه الملتقيات الادبية التي تجري هذه الايام ولا نخفي أن موضوع تجديد وتطوير هذه الملتقيات أصبح اليوم مطروحا من قبل وجوه يعتد بها في الساحة. إن بعض الملتقيات أفرزت بحسن النية ربما أو بغياب الجدية ظواهر أدبية لا تليق بالناشئة حيث سجل في الفترة الاخيرة بعض التجاوز المبدئي يقوم به بعضهم من حيث محاولاتهم استغفال لجان التحكيم في هذه المهرجانات بالمشاركة بنفس النصوص هنا وهناك أو محاولة الاتكاء على عناصر أخرى غير النص كما لوحظ أنه نظرا للتساهل الذي يحدث في بعض الملتقيات والذي نراه مؤامرة ثقافية على مستقبل النص الادبي سقط العديد من الشبان في التقليد الشبيه بالنسخ على مستوى توزيع النصوص على البياض أو على مستوى الكلمات أو على مستوى الالقاء وهي ظواهر سلبية لابد من تجاوزها خدمة لمستقبل الكلمة. وبالنسبة للنصوص الواردة علينا في هذا الملتقى نلاحظ: 1 على مستوى الشكل: غلبة النصوص النثرية الفاقدة للايقاع الشعري وللمعنى وذات الدلالات البسيطة والتي لا تحمل أفق القول الشعري المطلوب. 2 على مستوى الصور الشعرية: غلبة التصنع والتناص الشديد حيث يبين أن الاغلبية تطوف في أفلاك الصور التي تداولها درويش وقباني والصليعي وغيرهم بطريقة فاضحة حيث تكشف هذه النصوص عن وجهها المقلد منذ بداياتها. 3 على مستوى الدلالات: بدت قصائد كثيرة تحمل معاني تقليدية وبسيطة وهي تحاول استغلال بعض العواطف والاوتار القومية بشكل مؤرق أكثر من الوضع العربي ذاته وممل يفقد القضايا العربية المتوغلة في أعماق جراحنا والممتدة في ذواتها ما لها من وهج وذلك لمحاولات التصنع البادية في بعض النصوص استغفالا... ولبساطة رؤية بعضهم للمشهد العربي... إننا ان نشد على أيدي الاقلام الصادقة التي تحاول أن تؤسس لاحلامهم ونحيي كل شاب يشد رحاله الى مدائن الادب فإننا ندعو الى مزيد إتقان العملية الشعرية من حيث الايقاع والمعنى ودوافع القول والى مزيد الاطلاع على التجارب الشعرية وهي كثيرة. وفي الختام نعلن أن جوائز هذا الملتقى آلت حسب اجتهاداتنا المتواضعة الى ما يلي: الجائزة الاولى: تهامي ناجي الجوادي من القيروان عن قصيدته للذكريات صدى لما فيها من التزام بالعمود الشعري الذي لا مناص من تشجيع الناشئة عليه باعتبار أن من لا رصيد له في العمودي لا يمكن أن يكون شاعرا... حسب نقاد الشعر الحديث... الجائزة الثانية: نجوى بن أحمد الفوار قبلي لقصيدها حمى الارض لما فيها من اشتغال على الصورة الشعرية وسعي الى إتقان هذا الباب. الجائزة الثالثة: عبد اللطيف العمري من سيدي بوزيد لما في نصه من سعي للتأسيس الفعلي والبحث عن المعاني التي دمّرها القول الشعري المعاصر.