تونس «الشروق» لايزال المسؤولون في واشنطن من وزارة الخارجية الى البنتاغون الى البيت الابيض يصرون على ان الحرب التي اعلنتها الولاياتالمتحدة على ما يسمى «الارهاب» جعلت العالم اكثر امنا... ويعدّدون بمناسبة وبغير مناسبة «انجازات» هذه الحرب ويفاخرون بها مع ان ما حصل ويحصل على ارض الواقع في كل الساحات التي تدور فيها رحى هذه الحرب يناقض التقديرات الامريكية ويجعلها ابعد ما تكون عن الحقيقة والشواهد على هذا كثيرة.. فاذا كانت الإدارة الامريكية جعلت من غزو افغانستان وبالاساس من غزو العراق «نموذجا» و»درسا» للعالم في كيفية مكافحة هذا «الارهاب» فإن العالم اجمع بات يدرك بالدليل الملموس الذي لا يحتمل التشكيك الى اين تقوده هذه الحرب وهو يرى في ما يحصل بالعراق خصوصا اقوى دليل على ما جلبته مكافحة «الارهاب» من اخطار وكوارث.. ولعل ما قاله الرئىس الباكستاني برويز مشرف الذي يعد من ابرز حلفاء الولاياتالمتحدة في حربها على «الارهاب» من ان غزو العراق جعل العالم اكثر خطورة يؤيد ما يذهب اليه كثيرون حتى داخل امريكا نفسها، بأن إدارة جورج بوش ادخلت العالم بأسره في دوامة لا تنتهي وفي نفق طويل مظلم ربما تكون نهاية كوارث اكبر من التي حصلت وتحصل... وفي الوقت الذي تحاول فيه هذه الإدارة التي قفزت على مسببات أحداث 11 سبتمبر 2001 ورفضت مجرد الخوض فيها ومحاولة فهمها (مع انها لا تبدو معزولة عن قضايا دولية ساخنة كالصراع العربي الاسرائىلي) تصوير احتلال افغانستان ثم العراق باعتباره الحل الأمثل لمواجهة «الارهاب» في عقر داره والقضاء على تهديد اسلحة الدمار الشامل في المهد، ترتفع اصوات عديدة داخل الولاياتالمتحدة وفي دول متحالفة معها، مؤكدة ان الاسلوب الذي تتعاطى به الادارة الامريكية مع موضوع «الارهاب» وتهديد اسلحة الدمار الشامل (الذي لا يأتي الا من جهة العرب والمسلمين وليس من الكيان الاسرائىلي المدجج بمئات الرؤوس النووية) خلق مشاكل اكثر تعقيدا وفتح جبهات اكثر اشتعالا.. وخلافا لما ادعته واشنطن وتدّعيه لم يكن العراق يمثل اي خطر او تهديد يبرّر غزوه، ومع ذلك اقدمت الولاياتالمتحدة على احتلاله وقتلت الآلاف من ابناء شعبه وهاهي تحصد مازرعت. وليس هذا فقط، بل زاد غزو العراق وقبل ذلك افغانستان تحت شعار مكافحة «الارهاب» من الهوة بين الولاياتالمتحدة وشعوب العالمين العربي والاسلامي في وقت كانت فيه واشنطن مدعوة الى التعقل والحكمة لمعالجة التوترات التي تراكمت وتسببت في احداث 11 سبتمبر 2001 . ولاشك ان استمرار واشنطن في سياساتها الحالية التي اشعلت جبهات كان العالم في غنى عنها وامعانها في تجاهل الاسباب الحقيقية لما حدث قبل 11 سبتمبر وبعده من احداث ناجمة عن كراهية فئات غاضبة على السياسات الامريكية تجاه القضايا العربية، يدفع الى القول بأن العالم اصبح بحق اقل أمنا وبات مقبلا على اسوأ مما حصل.