اتخذ كثير من المسلمين من شهر رمضان المعظم مناسبة للراحة والابتعاد عن العمل والإنتاج، وفرصة للكسل والسهر والنوم والعبث بدعوى أن ذلك يساعدهم على القيام بفريضة الصوم, والحقيقة أن هذا الإدعاء باطل من الأساس لا يستند إلى أية قرينة من القرآن الكريم ولا دليل من السنة النبوية الشريفة.بل العكس هو الصحيح لأن العمل مقدس في الإسلام وهو عبادة. قال الله تعالى : ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سعى وأن سَعْيَهُ سَوْفَ يرى ثم يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾ (النجم /41) لقد أمر الإسلام بالسعي والكسب ودعا إلى الضرب في الأرض والإنتفاع بخيراتها واستغلالها أحسن استغلال ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (الملك/15) وقد أراد القرآن الكريم أن يحث همة الإنسان ويرغبه في العمل حين يحدثنا عن الأنبياء وهم صفوة خلق الله وقدوتنا حيث تعاطوا المهن وشتى الأعمال دون استنكاف وترفع، فقد كان سيدنا داوود حدادا يصنع السيوف والدروع وغيرها ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) (الانبياء/ 80) وسيدنا نوح كان نجارا يصنع المراكب والسفن ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ (هود/37. وتقلد سيدنا يوسف منصب وزير للمالية في مصر (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ (يوسف/55) وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فكان تاجرا وما أبعده عن الكسل والبطالة والتواكل وهو الذي كان يدعو الناس إلى العمل والتعويل على النفس. روى البخاري أن النبي قال: (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه) وقال أيضا: (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من يأكل من طعام يده) فهذه دعوة صريحة للاعتماد على النفس في الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي لأنه لا خير في شعب يأكل من إنتاج غيره وبذلك تتحقق القوة والمناعة التي أمرنا بها الله حين قال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (لأنفال: /60) .