ليون يبارح تونس بارح ليون روش البلاد التونسية في اتجاه فرنسا في جويلية 1863 تاركا إدارة القنصلية لأحد المتربصين وهو المسمى مولان (Moulin)، ووضعت الحكومة الايطالية من جهتها حدّا للمهمّة العسيرة التي كان يقوم بها نائبها «الشوفالي بنا» وعوّضته على رأس القنصلية بقامباروطا الذي قال عنه مولان إنه ترك في تونس أثرا طيبا عندما كان يباشر مهمّة نائب قنصل. وفي تلك الأثناء انفسح المجال لقنصل انقلترا «ريشارد وود» ليكون له المقام الأول من حيث الحظوة والاعتبار. تعميم الآداءات في شهر سبتمبر 1863 قرّرت الحكومة التونسية تعميم الأداء الموظف على الرؤوس والمعروف بالمجبى وسحبهم على كافة الرعايا التونسيين على اختلاف معتقداتهم الدينية وطبقاتهم الاجتماعية. وقد كان معفى منه سكان العاصمة والمدن الكبرى، وهي القيروان وسوسة والمنستير وصفاقس، وكذلك الموظفون والعساكر والطلبة والعلماء ويهود الحاضرة وبعد مضي ثلاثة أشهر على قرار التعميم صدر الاذن بمضاعفة مقدار الأداء المتحدث عنه حيث رفع لاثنين وسبعين ريالا في أغلب الحالات (بصفة عامة)، في حال أن المداخيل الجبائية الموظفة من قبل لم يقع التوصل الى خلاصها بأكملها، وامتنع أهل الجريد من دفع الأداء بينما اجتازت قبائل من العرب الرحّالة الحدود التونسية وحطّت رحالها في التراب الليبي. وتدخل القنصل الفرنسي دوبوفال بتوجيه النصح الى الوزير خزندار بأن هذا الذي تقرر بخصوص الترفيع في المجبى وتعميمه سيكون سببا في حصول قلاقل ورفض مصطفى خزندار هذه النصيحة الأمر الذي خلّف حقدا في نفس القنصل ضد الوزير. وصدقت تحاليل القنصل الفرنسي إذ كانت المجبى محلّ سخط من كافة أفراد الشعب والدليل على ذلك هو أنه بمجرّد ما سعى أعوان الباي في استخلاصها انطلقت الثورة من عقالها. تطوّر الثورة وردت برقية يوم 10 مارس 1864 من جون ماتيي الموظف بقنصلية فرنسا في صفاقس تفيد اتفاق القبائل على الامتناع عن دفع الأداء الجديد على قاعدة 72 ريالا، وسبق لبني زيد أن أعلنوا الامتناع عن دفع الأداء المتحدث عنه بالرغم من وجود المحلة بين أظهرهم بقيادة سليم، ومازالوا مترددين حتى في الوفاء بالمقدار بالقديم الذي هو 16 ريالا. ولا تلبث أن تتحد صفوف الغاضبين من كافة القبائل عند أول إشارة تنبئ بانطلاق أيّة محلة تكون مهمتها استخلاص الأداء. وفي يوم 14 مارس 1864 كشف عامل الجزائريين المستوطنين بالكاف بأن أولاد بوغانم والفراشيش شنوا غارة على أولاد يحيى بالجزائر، وإن كافة القبائل القاطنة على مقربة من الحدود هي في حالة اضطراب وتبدي سخطا عظيما على الحكومة ويسود البلاد جوّ من الهيجان بسبب أداء الاثنين والسبعين ريالا. يتبع