الباي حمودة باشا عرف الشيخ ابراهيم الرياحي وأحبّه قبل أن يراه، فقد كانت تصله أخباره من وزيره الأكبر يوسف صاحب الطابع الذي كثيرا ما أشاد أمام الباي بفصاحة الشيخ ونبوغه وورعه وقوة ودسامة الدروس التي يلقيها على طلبته سواء في جامع الزيتونة المعمور أو في جامع الحلفاوين (جامع صاحب الطابع). لذلك وفي سنة العسرة وحين اقترحوا عليه إرساله سفيرا الى ملك المغرب الأقصى لم يتردّد وهذه المهمة سنعرض لها بالتفصيل في الحلقة القادمة لنعرض قبلها قصة لقائه بالشيخ سيدي علي حرازم الذي جاء خصّيصا من المغرب الأقصى للتعرّف عليه والذي كان سببا في انتقاله من الطريقة الشاذلية التي نشأ عليها الي الطريقة التيجانية والذي أشار عليه حين يذهب الى المغرب الأقصى بلقاء سيدي أحمد التيجاني وهذه كرامة أخرى من كرامات سيدي علي حرازم حيث علم بالمهمة الدبلوماسية للشيخ قبل تكليفه بها بفترة. فقد زار الشيخ علي حرازم تونس والتقى سيدي ابراهيم الرياحي ونشأت بينهما صحبة انطلقت من كرامات الضيف المغربي الذي أخبر سيدي ابراهيم أنه جاء من أجله ومن أجل حثّه على التحول الى الطريقة التيجانية وحدث أن أخبره ذات مرّة وهما في قاعة الدرس في انتظار الشيخ المدرّس بأن المدرّس لن يأتي، وكانت تلك الحادثة امتحانا لكرامات الشيخ علي وبالفعل تغيّب المدرس يومها وهو ما عمّق الثقة بين الرجلين وجعل سيدي ابراهيم يتشبث بملازمة سيدي علي واستضافته في بيته لتفيض عليه كراماته ومنها قصة رؤيا سيدي علي التي جعل بمتقضاها سيدي ابرهيم يفيق من نومه ويطلب من المولى قائمة ال14 طلبا التي عرضناها في حلقة سابقة. الشيخ علي حرازم اغتنم فرصة إقامته مع سيدي ابراهيم الرياحي ليطلعه على أسرار الطريقة التيجانية وهي الدعوة التي قيل بها سيدي ابراهيم بعد أن استأذن الشيخ البشير الزواوي المشيشي الذي كان من مريديه والذي كان من أقطاب الطريقة الشاذلية في الانخراط في طريقة سيدي أحمد التيجاني فأذن له وقد مدح سيدي ابراهيم شيخه التيجاني بقصيدة جاء في مطلعها: «كرم الزمان ولم يكن بكريم وصفا وكان على الصفاء نديمي» ولما توطّدت العلاقة بين سيدي ابراهيم وضيفه الشيخ علي حرازم وتعمقا في بحور وأنوار الطريقة التيجانية وكشفا الكثير من أسرارها قال له ضيفه ذات مرّة: لا بدّ أن تذهب سفيرا الى بلاد المغرب وتتلاقى مع أميرها وسيكون من أمرك كذا وكذا فإن ذهبت لتلك الديار فعليك أولا بزيارة الشيخ رضي اللّه عنه (سيدي أحمد التيجاني) وألزمه طول المقام هناك ليلا ونهارا، فتعجّب الشيخ من هذا القول لكنه سلم به أمام تحقق كل ما أخبره به الشيخ علي حرازم. هذه الخلفية كانت حاضرة لدى سيدي ابراهيم عندما كلفه حمودة باشا بمهمة دبلوماسية لدى ملك المغرب وهو ما سنتعرض له في الحلقة القادمة. والى حلقة قادمة