لم ينقطع الجدل منذ أكثر من شهر حول التحوير الوزاري الذي أصبح حقيقة قد يعلن عنها رسميا غدا الجمعة لتكون الحكومة الجديدة هي الحكومة الحادية عشرة منذ 14 جانفي. وبذلك نكون قد تجاوزنا الرقم القياسي الذي لم تصله تونس منذ الاستقلال الى جانفي 2011. ومهما كان تقييمنا لأداء يوسف الشاهد أو أداء أعضاء حكومته فإن مشاكل تونس المتراكمة لا يمكن أن تحل بتحوير وزاري مهما كان حجمه ومهما كان اسم رئيس الحكومة أو أسماء الوزراء وكتاب الدولة. فلا أحد من الذين سيتم تعيينهم ومهما كان لونهم الحزبي لا يملك عصا سحرية. فتونس تحتاج الى معجزة اليوم لتخرج من هذا النفق العبثي الذي تعيشه منذ سبع سنوات دون أن يلمس المواطن أي نتائج ملموسة في حياته اليومية. فكل المؤشرات سلبية الى حد أن صرنا نطمح فيه الى العودة الى مؤشرات 2010 التي تبدو اليوم بعيدة المنال . إن ما تحتاجه تونس اليوم هو شجاعة الاعتراف بأن الطبقة السياسية سارت في دروب خاطئة أضاعت الكثير من الوقت والكثير من فرص التدارك. فلا أحد قلبه اليوم على تونس ومستقبلها من الطبقة السياسية. فالهم المشترك للجميع هو الغنيمة والمتوقع لذلك فإن ليل تونس للأسف سيطول طالما أن الطبقة السياسية تفتقد الى شجاعة الاعتراف وإرادة التدارك . فالمواصلة في نفس هذا المسار العبثي لا تجدي نفعا باسم ثورة لم ير المواطن شيئا من نتائجها اللهم إلا المزايدات بين الأحزاب والاعتصامات والإفلات من العقاب والانفلات الأمني والاجتماعي والنقابي وتعطيل الإنتاج في القطاعات الحساسة . تحتاج تونس اليوم الى حكومة قليلة العدد من كفاءات الإدارة التونسية غير خاضعة للمحاصصة الحزبية وغير مهتمة بالجدل العبثي في مجلس نواب الشعب وفي أستوديوهات الإذاعات والفضائيات لا هم لأعضائها إلا العمل على إنقاذ تونس مع مساندة من الأطراف الاجتماعية والاعلام الذي يفترض أن يلعب دورا وطنيا في حشد الرأي العام لمساندة حكومة للإنقاذ قبل عام ونصف من الاستحقاق الانتخابي . بدون هذه الروح سيكون تغيير الحكومة غير ذي جدوى. بل ستكون الحكومة الجديدة مجرد رقم جديد في التاريخ التونسي ومجرد عبء مالي سيثقل الميزانية العامة للدولة. فهل تكون الحكومة الجديدة نقطة فاصلة بين مسار عبثي ومستقبل إيجابي ينتظره التونسيون بمرارة اليائسين ؟!