قرار تعليق العمل بوثيقة قرطاج 2 التي كان من المفروض توقيعها في اجتماع أمس أثار كثيرا من الجدل حول أسبابه وملابساته لكنه أثار أيضا المخاوف من المستقبل. تونس – الشرق – ما حصل في اجتماع أمس لن يكون بلا تداعيات على مستقبل العلاقات بين مختلف الاطرف وفق ما يذهب اليه أغلب المختصين. من ذلك مثلا العلاقة المستقبلية بين الحكومة والاطراف التي دعت لانهاء مهامها بما في ذلك الحزب الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة «نداء تونس» والاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد المرأة وحزب الوطني الحر. لكن من جهة أخرى يطرح المتابعون ايضا مسألة العلاقة المستقبلية بين الشاهد والنهضة التي دعمته ودافعت عن تواصل حكومته، فهل ستكون علاقة «احتواء» مثلما ذهبت اليه بعض التحاليل أم لا. ومن التساؤلات المطروحة ايضا تلك المتعلقة بالوضع المستقبلي لحزب نداء تونس في ظل ما يدور عن وجود خلافات حول بقاء الشاهد وحكومته وذلك على مستوى الحزب وعلى مستوى الكتلة البرلمانية وأيضا على مستوى أعضاء الحكومة. فهذا الحزب الذي من المفروض ان يمثل التوازن السياسي في البلاد مع التيار الاسلامي أصبح مهددا مجددا بالخلافات الداخلية.. كما يخشى المتابعون أيضا من امكانية تأثير هذه التقلبات الاخيرة خاصة تعليق مسار قرطاج 2 على العلاقة داخل الحكومة اي بين رئيس الحكومة وبعض الوزراء او بين الوزراء بحكم اختلفا حزبيهما ( النهضة والنداء) حول بقاء الحكومة ورئيسها. ومن الآثار المنتظرة ايضا تلك المتعلقة بمآل التوافق بين النهضة والنداء في ما بقي من الفترة الفاصلة عن انتخابات 2019. فرغم ان له سلبيات عديدة الا ان التوافق نجح في الاعوام الماضية في تحقيق التهدئة وبالتالي يمكن في صورة اختلاله اليوم ان تحدث انزلاقات تؤثر على هذا الاستقرار العام الذي ساد الحياة السياسية منذ 2014.. خروج الاتحاد أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إثر الإعلان عن تعليق العمل بمسار قرطاج 2 انه لم يعد ملزما بأي شيء داعيا الى تحمل كل الاطراف مسؤوليتها. هذا التصريح دفع بالبعض الى الحديث عن «الخطورة» المنتظرة من خروج الاتحاد وانسحابه من منظومة وثيقة قرطاج الاولى. فالاتحاد ساهم الى حد ما في خلق توازن سياسي في البلاد رغم انه ليس بالحزب السياسي، وذلك بفضل ما بذله من جهود خلال سنوات الحوار الوطني ( 2013 و2014) وأيضا ضمن منظومة الوحدة الوطنية ( من 2016 الى الآن) في علاقة بالوضع السياسي العام. كما ان الاتحاد لعب احيانا دور الشريك الهام للحكومة لمساعدتها على تجاوز بعض الازمات على غرار التدخل في أزمات الاضربات الكبرى والتفاوض مع المحتجين والمعتصمين مثلا في أحداث قفصة والكامور وجمنة وغيرها. ومن حيث دوره الاجتماعي ساهم الاتحاد في خلق التوازن عبر التفاوض مع الحكومة حول عديد المسائل الاجتماعية البارزة ونجح في تحقيق مطالب لأصحابها. ويذهب آخرون حد القول ان خروج الاتحاد قد يؤسس لازمة جديدة في البلاد في ظل التأزم المنتظر للعلاقة بينه وبين الحكومة، إلا في صورة تحلّي الأطراف بالتهدئة. ما يخشاه التونسيون هو ان تتحول مثل هذه الممارسات السياسية في البلاد من مصدر تهدئة وتوافق الى سبب للفوضى واللخبطة وتعطيل عمل الحكومة وهو ما يجب ان تنتبه له كل الاطراف الفاعلة خاصة رئيس الجمهورية المطالب اليوم اكثر من اي وقت مضى بوضع النقاط على الحروف لايقاف ما قد يبدو للتونسيين «مهازل» و«مسرحيات» وحتى لا تتحول اجتماعات قرطاج من أداة للحلول والتهدئة الى اداة لخبطة وفوضى في البلاد.. تواصل قرطاج1 بعد تعليق مسار وثيقة قرطاج 2 من المنتظر ان يتواصل العمل بمنظومة قرطاج 1 التي ترتبت عنها منذ حوالي عامين حكومة الوحدة الوطنية ( حكومة يوسف الشاهد) ووثيقة قرطاج الاولى المُمضاة من عدة اطراف والتي مازالت قائمة من الناحية السياسية حيث لم يقع اعلان التخلي عنها. وإذا ما تواصل التعليق فانه قد يقع اللجوء الى الطرق الدستورية في ما يتعلق بانهاء عمل الحكومة الحالية ام لا.