بَعد ستّة أسابيع يستأنف الترجي السباق القاري وسط تفاؤل مَمزوج بالقلق بحكم أن الجمهور واثق من قدرة الفريق على طرق باب المجد بفضل ما يَملكه من عتاد وتقاليد في المُنافسات الدولية لكن هذه الثقة مازالت «مَهزوزة» عند شق من الأنصار الذين لن تَطمئن قلوبهم وتنتهي حَيرتهم إلاّ بعد إجراء التحسينات المنشودة وإحداث الإصلاحات الموعودة. الجمهور العريض للترجي ينتظر إنطلاق بقية «الصِّدامات» الإفريقية بشوق كبير ويُمنّي النّفس بأن يُوفّق أهل الدار في تجهيز الفريق على كلّ المستويات ليراهن بقوّة على رابطة الأبطال مع الاستمرار في بسط هيمنته المحلية والإقليمية. «الحلم الأزلي» نَجح الفريق في إطفاء حرائق الغضب التي اجتاحت ساحة «باب سويقة» بعد الإخفاق المُدوي أمام الأهلي الذي سرق من «المكشخين» حُلمهم القاري وحَطّم علاوة على ذلك مستقبل البنزرتي مع الجمعية. الترجي تمكن كعادته من تَطويق «الأزمة» وحافظ على زعامته المحلية بعد موسم شاق ومُرهق راهن خلاله الفريق على ثلاثة فنيين آخرهم ابن الدار خالد بن يحيى الذي رفع اللّقب بالكَثير من العَرق والتعب. ويدرك بن يحيى الذي شاب رأسه في الملاعب أن البطولة التونسية وهي مسابقة هزيلة لا تُرضي غرور جمهور نادي «باب سويقة» الذي يحلم صباحا مساءً ويوم الأحد برابطة الأبطال الإفريقية التي حَقّق فيها الفريق المطلوب بعد أن تصدّر مجموعته وأكد أنه سائر بثبات إلى الدور ربع النهائي رغم الهنّات والثغرات. وهذه النقائص هي التي تُعكّر «الصفو العام» في ربط الحلفاوين وفي كلّ مكان يتنفّس أهله عشق الأزياء الذهبية. عامل آخر يُثير قلق شق من الأنصار وهو الضّبابية التي ترافق «القضايا» الآنية مثل ملف المنتدبين والمغادرين خاصّة في ظل الكمّ الهائل من المعلومات المُتداولة حول العروض «الخيالية» و»الوهمية» لبعض العناصر الترجية. التّشخيص واضح تَبدو المشاكل التي يُعانيها شيخ الأندية واضحة وضوح الشّمس في رابعة النهار. فالفريق في حاجة ماسّة إلى سدّ الشقوق الموجودة في المنطقة الخَلفية مع تحسين نجاعته الهجومية والإرتقاء بقدراته على صِناعة اللّعب الذي أصبح من مَهام «الأجنحة» في ظل ضَياع بقير وعدم قدرة منصر على الإقلاع فضلا عن تسريح بن حتيرة الذي جاء ورحل في ظروف غَامضة. طالما أن الداء معروف فإنّ توفير الدواء مُمكن وسهل شرط أن تكون خارطة الطريق واضحة والخطوات ثابتة والانتدابات هادفة. ويكتسي ملف التعزيزات «خُطورة» كبيرة لأنه يحتاج إلى الكثير من التّمحيص والتدقيق في سبيل «إصطياد» لاعبين لهم القدرة إلى إحداث الفارق دفاعا وهجوما والمساهمة الفعّالة في تألق الجمعية في السباق القاري حيث الاختبارات الحَقيقية للقوّة الترجية. الامكانات متوفّرة نظريا، يملك الفريق كلّ مقوّمات النجاح. فالنادي يتمتّع بقاعدة شعبية جارفة وحدودها تمتدّ من شمال البلاد إلى جنوبها. كما أن الجمعية لا تَعوزها الامكانات المادية في ظلّ سخاء رئيسها حمدي المدب وتَدفّق الأموال على الخزينة الترجية (عائدات البطولة العربية وصفقة الفرجاني ساسي والمشاركة القارية وربّما يظفر النادي بمداخيل ضَخمة في صُورة تأكد رحيل «كوليبالي»). بالتوازي مع الحُشود الجماهيرية والمال وهو قوام الأعمال يملك الفريق شخصيات رياضية لامعة محليا وقاريا ومن واجبها مساعدة النادي فنيا وماديا ومعنويا. الفريق بحوزته أيضا شبكة علاقات واسعة قد تُمكّنه من «التسوّق» في أرجاء القارة السمراء و»إستكشاف» الأقدام المَوهوبة والمَغمورة عن بُعد. لا شيء مضمون جَماهير الترجي من حقّها أن تحلم بالقبض على رابطة الأبطال لكن ذلك لا يَعني أبدا أن مَطالبها مُستجابة لأن المنافسات القارية صَعبة وقد يحتاج المُراهن على اللّقب أحيانا إلى أعوام طويلة ليتربّع على عرش الكرة الإفريقية. حصل هذا الأمر مع الترجي (1994 ثمّ 2011) وحدث أيضا مع الأهلي وهو سيّد الأرقام القياسية في هذه الكأس (فاز الأهلي بلقبه الثاني عام 87 وانتظر إلى حدود 2001 ليظفر بالتاج القاري للمرة الثالثة). والمُهمّ أن تخطّط الإطارات الإدارية والفنية بشكل سليم وأن يقاتل «الكوارجية» في الميدان بدعم من الجمهور الذي كثيرا ما دفع الجمعية إلى قلب «الأطراح» وصناعة الأفراح وهي العنوان الأبرز في «باب سويقة» إستعدادا للإحتفال بمائوية الترجي العَريقة.