أطلق مصطلح الحروب الصليبية على الحملات التي قامت بها اوروبا خلال قرنين من الزمن قصد استخلاص بيت المقدس من ايدي المسلمين من جهة والحد من الزحف الاسلامي الذي اصبح يغزو العالم من جهة اخرى . ولهذه الحروب اسباب ودواع كثيرة اهمها ما تحمله البلدان الصليبية من حقد دفين ضد الاسلام والمسلمين نتيجة دخول بيت المقدس في حكم المسلمين ونتيجة الفتوحات الاسلامية التي امتدت الى مناطق اسيا وافريقيا واروبا والتي كانت من قبل تحت النفوذ المسيحي . وتهديد القسطنطينية بالاحتلال من طرف السلاجقة المسلمين بعد ان اصبحوا على مقربة منها فاستنجد الامبراطور اليكسيس كومنين بالدول الاوروبية ضد المسلمين . اضافة الى حجاج بيت المقدس النصارى الذين كانوا اذا رجعوا الى اوروبا يهولون ويكذبون فيما يلاقيه المسيحيون من ظلم واعتداء، وكان من المع هؤلاء الحجاج واشدهم تأثيرا في اثارة الفتنة وتأليب النصارى ضد المسلمين الراهب الفرنسي بطرس الناسك . هذا علاوة على الحماس الديني والرغبة في انقاذ بيت المقدس من ايدي المسلمين وكانت المجامع الكنسية وخطب الاساقفة والرهبان والبابا من اشد الوسائل الدعائية اثارة للحماس الديني وتحريضا لنفوس المؤمنين المسيحيين . كما شجع ميل الفاطميين بمصر الى محالفة البيزنطيين المسيحيين ضد السلاجقة المسلمين ليستعينوا بهم على استرداد ما احتلوه منهم . ومما هو جدير بالذكر ان البابا القى خطبة هامة في مجمع كليرمون بفرنسا الذي قررت فيه الحروب الصليبية سنة 488 هجري ويمكن ان تعتبر تلخيصا موجزا لجميع ما ذكرناه من حقد دفين وعداوة ضارية ضد الاسلام والمسلمين ومما جاء فيه: « وليست هذه الحروب لاكتساب مدينة واحدة بل هي اقاليم اسيا بجملتها مع غناها وخزائنها التي لا تحصى فاتخذوا محجة القبر المقدس وخلصوا الاراضي المقدسة من ايدي المختلسين وانتم املكوها لذواتكم فهذه الارض كما قالت التوراة تفيض لبنا وعسلا « . وفي سنة 486 هجري زار بيت المقدس الراهب الفرنسي بطرس الناسك ولما رجع اجتمع بالبابا واتفق معه على ان يكون داعية للحروب الصليبية، اما البابا فانه عقد اولا مجمع بليزانس بشمالي ايطاليا ثم عقد مجمع كليرمون بفرنسا حيث اتفق الصليبيون على ان يكون لقاؤهم بمدينة القسطنطينية وسارت حملة اولى وكانت في غاية الفوضى والاضطراب ولما عبرت الى اسيا الصغرى التقى بها قليج ارسلان السلجوقي قرب مدينة نيقية فابادها عن اخرها . ثم قدمت الجيوش الصليبية الاخرى التي نظمها الاقطاعيون والامراء وجاءت من جنوبفرنسا وشمالها ومن جنوبايطاليا واجتمعوا كلهم في القسطنطينية ولما عبروا الى اسيا الصغرى اعترضهم قليج ارسلان بينهم معارك كبرى ثم تقدموا الى انطاكيا وبعد حصار دام اكثر من ثمانية اشهر استولوا عليها ثم سار الصليبيون في اتجاههم الى بيت المقدس واحتلوها بعد شهر من حصارها سنة 492 هجري 1099 ميلادي . يتبع