سنة 1093 ميلادي زار بيت المقدس عدد من المسيحيين من بينهم راهب فرنسي يدعى بطرس النّاسك التقى بطريرك القدس سمعان وتحدث معه حول ضرورة تخليص القدس من سلطة المسلمين وعندما رجع الى بلاده أخذ معه رسالة استغاثة من البطريرك للبابا أوربانوس الثاني الذي بدأ يدعو المسيحيين لإنقاذ الارض المقدسة وانتشرت الدعوة بدعم من البابا الذي خطب معلنا ضرورة انقاذ ضريح السيد المسيح من أيدي الكفار ومنحهم غفرانا تاما عن جميع ذنوبهم ما تقدم منها ووعد الذين يموتون فيها جنات الخلد وأعفاهم من دفع الضرائب. وفي الحقيقة كان المسيحيون يعيشون في سلام ووئام مع المسلمين وذكر المقدسي في رحلته «حيثما ذهبت وجدت اليهود والنصارى أصحاب الكلمة العليا» وقد زار القدس قبل الحروب الصليبية وذكر غاي لوسترينج في كتابه «يجدر بنا أن نعترف أن المسيحيين لم يكونوا بمضطهدين ذلك الإضطهاد الذي اتخذوه سببا لحملاتهم الصليبية». وقال هنري إيمرسن فوسديك في كتابه «حجة إلى فلسطين» إن الحافز الأساسي للحملات الصليبية لم يكن ساميا بالشكل الذي حاولوا إفهامه للناس فقد أماط البابا أوربانوس اللثام عن الحقيقة عندما نادى إليه الأمراء الإقطاعيين الذين كانوا دوما يقتتلون وقال لهم «إذا كان لابد من إراقة الدماء فهاكم الكفار! اذهبوا إليهم وغمسوا أيديكم بدمائهم ولئن كنت أحدثكم بهذه الخشونة فما ذلك إلا لأن رسالتي تحتم علي ذلك فيا جنود الجحيم كونوا جند الله الذي لا يموت»! قال المؤرخ الفرنسي مكسيموس موند ما يلي :«عقد البابا أوبانوس الثاني الاجتماع الأول لأجل ترتيب الحملة الصليبية في مدينة بلاصانس حيث اجتمع ما يزيد على مائتي أسقف ورئيس أساقفة وأربعة آلاف أكليريكي وثلاثين ألفا من العلمانيين المنتمين الى مختلف الأقطار والأمصار اجتمع هؤلاء في الهواء الطلق في مكان فسيح خارج المدينة فقرروا إرسال حملة صليبية الى أورشليم ليأخذوا قبر المسيح من أيدي المسلمين». ولم ينجح الاجتماع الأول وانعقد اجتماع ثان سنة 1095 في مدينة كليرمون وخطب فيهم البابا قائلا«إن كهنة الرب فقراء وأذلاء يجرون من داخل الكنيسة الى الخارج حيث يضربون ويقتلون» لهذا قرر إنقاذ بيت المقدس! وقال بعض المؤرخين أن 300 ألف مقاتل شاركوا في الحملة الأولى.