هنيئا لمن خفّ سمعهم وقلّ نظرهم وجفّ حسهم في هذه المرحلة التي أصبحت فيها الحواس الخمس السليمة مضرة بصاحبها وكارثة عليها. ولهذا ومن باب النصيحة لا أكثر ولا أقل أدعو ألاّ يلجأ أي منّا لعلاج أي حاسة مصابة من الحواس الخمس وإلاّ لكان من المعذبين لأنفسهم والشامتين فيها وألاّ يتكفل «الكنام» بمصاريف العلاج والا لكان من الفاسدين. ولكل حسّاس يعارضني في ما ذهب اليه أتوجه بالسؤال هل أن الشارع التونسي الثوري بالوكالة بكل خلاياه النائمة والفطنة في بؤر السياسة والإعلام والمنظمات والتنظيمات وبزنس العمالة. وبقية الواوات الأخرى ترك لنا حكمة في ما نسمع ومتعة في ما نرى ولذة فيما نأكل ونشرب وطيبا في ما نشمّ ولينا في ما نمسّ. أم دسّ لنافي كل المشمومات والملموسات والمأكولات والمرئيات والمسموعات لبّ الرداءة وروح البذاءة وعين الانحطاط والنذالة والسقوط. ألم تصبح الحواس الخمس السليمة خطرا على مستعمليها كما لو كانت من الأملاك المصادرة يخيّرون الخيّرون تهرئتها واتلافها على استعمالها. ألم تصبح هذه الحواس جسورا لكل مسّ من الجنون أليس كل ما نشمّه ونلمسه ونتذوّقه ونراه ونسمعه يا أهل الحرية والكرامة الوطنية فعلا «يجنن» و«يهبّل» و«يكوخر يا سي لوخر». أخطبوا متى شئتم ونظّروا كما شئتم وصرّحوا بما شئتم فلن أسمعكم ولن أراكم ولن أمس لكم يدا ولن أشم لطبخكم راحة ولن أتذوّق له طعما وسأظلّ وفيا لأجدادي في قولهم لمن به صمم «سعدك يا لطرش».