تونس «الشروق»: تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية الى سنة 2021، ملف شغل الرأي العام مؤخرا بعد الترويج لعزم رئيس الجمهورية اتخاذ هذا القرار ارتباطا بحالة عدم الاستقرار التي تعيشها تونس. حمل العدد الأخير من مجلة «جون أفريك « مقالا تضمّن تأكيدا على أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لا يعتزم الترشح لولاية ثانية سنة 2019. وإنه ينوي تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية عامين إضافيين بعد أن كان موعدها المقرّر في أكتوبر 2019 . المثال استند الى معطيات تم استقاؤها مما سُمّي «المقربون من رئيس الجمهورية « او «حاشيته « الذين أكدوا أن الباجي قائد السبسي سوف يعمد إلى تأجيل الانتخابات بدعوى عدم الاستقرار والحاجة الى وقت إضافي لاستكمال إنشاء الهيئات الدستورية. تهديد العملية الانتخابية لئن بقي المقال مبنيّا على معلومات أسندت الى أطراف لم يتم الكشف عنها حتى يكون المضمون أكثر مصداقية، فإن ما تضمنه يستند إلى فرضيات، منها الواقعي ويتعلّق أساسا بالتوترات التي تعيشها تونس في الفترة الأخيرة والتي تهدّد كل المسارات خاصة بعد الخلاف بين حركة النهضة وحركة نداء تونس . كما يجد هذا الطرح مشروعيته في الصراع الحاصل صلب هيئة الانتخابات وطلب إقالة رئيسها. وهو ما يمكن أن يجعل الهيئة في حالة شلل كلي فترة طويلة . التأجيل دستوريا ما تحدث عنه المقال أصبح ملفا يطرحه الرأي العام التونسي بشكل جدّي. وهو احتمال تم طرحه دستوريّا بعدد من الفصول. حيث ينص الفصل 57 على أن «يُنتخب مجلس نواب الشعب مدة خمس سنوات خلال الأيام الستين الأخيرة من المدة النيابية. إذا تعذر إجراء الانتخابات بسبب خطر داهم فإن مدة المجلس تمدد بقانون. .." . أما في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فتم طرحها في الفصل 75 الذي ينص على أن «ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام خلال الأيام الستين الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا عاما حرا مباشرا سريا نزيها وشفافا وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها...وإذا تعذر إجراء الانتخاب في موعده بسبب خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون.ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين، متصلتين أو منفصلتين. وفي حالة الاستقالة تعتبر تلك المدة مدة رئاسية كاملة.ولا يجوز لأي تعديل أن ينال من عدد الدورات الرئاسية ومددها بالزيادة». الخطر الداهم هذان الفصلان يُشرّعان لإمكانية تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية شرط أن يكون إنجازها مهددا بخطر داهم. وهو ما يتم تجسيمه مؤخرا في الاضطرابات السياسية والاجتماعية الحاصلة . هذه المقاربة التي تجد صداها لدى الرأي العام التونسي كما يمكن إيجاد مؤشرات تؤسس لها، هي في الحقيقة مقاربة متآكلة من حيث الشكل والمضمون.فهي إطار تخويف تم اعتماده في أكثر من مناسبة (الانتخابات التشريعية والرئاسية سنة 2014 والانتخابات البلدية التي جرت مؤخرا) إضافة إلى أن فرضية التأجيل تبدو بعيدة خاصة أن المناخ غير الملائم الذي تم تقديمه على أنه السبب الرئيسي لتأجيلها هو ذات المناخ الذي تم فيه إجراء الانتخابات البلدية. يُضاف إلى كل هذا أن تونس تتّبع مسار تحوّل ديمقراطي يتابعه المجتمع الدولي والمؤسسات المالية المانحة بشكل دقيق وتأجيل هاتين المحطتين الانتخابيتين له انعكاسات سلبية كبرى. ويمكن أن يكون مؤشرا على انتكاسة هذا المسار الديمقراطي الذي أنفق فيه المجتمع الدولي الكثير من الأموال وعلّق عليه الكثير من الأمل. ارتباطا بما سبق ذكره فإن عملية تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية لا تعدو أن تكون سوى نقل لبعض المخاوف التي تطرأ قُبيل كل انتخابات. وتنتهي بعد الانطلاق رسميا في تحديد آجال العملية الانتخابية.