لتنفيذ خارطة الطريق، كان من المفروض أن تنهي لجنة التوافقات حول النقاط الخلافية العشر في مشروع الدستور عملها يوم أمس، لكن هذا لم يحدث رغم اجتماعاتها المكثفة التي كانت تتواصل يوميا إلى وقت متأخر من الليل. ويتوقع بعض نوابها أن عمرها سيطول أكثر نظرا لصعوبة الحسم نهائيا في تلك النقاط خاصة ما يتصل بباب السلطتين التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما وتحديدا صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الحكومة. ولعل الأهم من كل ذلك هو عدم تطرقهم بعد إلى باب الأحكام الانتقالية وإلى مسألة التوظيف السياسي للمساجد التي كلما طرحت عكرت أجواء الحوار، وبالتالي لئن كانت جميع النقاط الخلافية محل جدل مطول بين شقين من النواب واحد ينتمي إلى حركة النهضة والثاني مكون من نواب بقية الكتل، فإن الحسم في باب الأحكام الانتقالية وموضوع التوظيف السياسي للمساجد سيحتاج إلى وقت أطول، وجهد أكبر خلال المفاوضات بين الطرفين. وتجدر الإشارة إلى أن لجنة التوافقات انتهت خلال اجتماعها المغلق المنعقد أمس بقصر باردو وفق ما أفاد بن نوابها سامية عبو (التيار الديمقراطي) وفريدة العبيدي (حركة النهضة) ومحمد علي نصري (نداء تونس) وحسناء مرسيط (مستقلة) إلى تنقيح الفصل 80 المتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية. وأصبح هذا الفصل ينص على أن (رئيس الجمهورية يختم القوانين ويأذن بنشرها بالجريدة الرسمية للجمهورية التونسية في أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما ابتداء من بلوغها إليه من المحكمة الدستورية. باستثناء مشاريع قوانين المالية ومشاريع القوانين الدستورية، لرئيس الجمهورية الحق أثناء أجل عشرة أيام من بلوغ مشروع القانون اليه من رئيس مجلس نواب الشعب في رد المشروع مع التعليل إلى المجلس للتداول ثانية. وإذا تمت المصادقة بالأغلبية المطلقة للقوانين العادية وبأغلبية ثلاثة أخماس للقوانين الأساسية فإن رئيس الجمهورية يختمه، ويأذن بنشره، في أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما من بلوغه إليه من المحكمة الدستورية. حل البرلمان بعد أيام وليال قضوها يتجادلون حول صلاحية رئيس الجمهورية في حل البرلمان، توافق النواب أخيرا على إضافة الكلمتين السحريتين (وفي صور أخرى) إلى الفصل 76 لتصبح مطته الأولى تنص على ما يلي :حل مجلس نواب الشعب في الصورة التي ينص عليها الدستور وفي صور أخرى. وتوافق النواب على تعديل الفصل 74 وأصبح ينص على ما يلي:" ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام خلال الأيام الستين الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا عاما حرا مباشرا سريا نزيها وشفافا وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها. وفي صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى تنظم دورة ثانية خلال الاسبوعين التاليين للاعلان عن النتائج النهائية للدورة الاولى، ويتقدم للدورة الثانية المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى. إذا توفي أحد المترشحين في الدورة الأولى، أو حدث له مانع قهري يمنعه من الاستمرار، يعاد فتح باب الترشح وتحديد المواعيد الانتخابية من جديد، واذا انسحب أحد المترشحين لدورة الاعادة أو توفي أو حدث له مانع آخر يحل محله المترشح التالي من حيث عدد الاصوات المتحصل عليها في الدورة الاولى. وإذا تعذر إجراء الانتخابات في موعده بسبب خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متصلتين أو منفصلتين في حالة الاستقالة. ومن الكلمات التي لم يتوافق حولها النواب رغم النقاش المطول، التشاور والاستشارة، ففي حين ترغب حركة النهضة في توحيد المصطلح في كامل الدستور في إطار إرساء فلسفة التشاور في جميع المجالات بين رأسي السلطة التنفيذية، رفض بقية النواب هذا الأمر وقالوا إن هناك مواقف تحتاج الى التشاور وأخرى يقتصر الأمر فيها على الاستشارة. ورفعت الجلسة دون الحسم في هذه النقطة، وفي عدة نقاط أخرى ينتظر التطرق إليها خلال الجلسات القادمة التي لم يستطع أحد منهم توقع عددها أو موعد الجلسة الختامية بما يسمح بالمرور إلى مناقشة مشروع الدستور والمصادقة عليه فصلا فصلا.