نصبت عديد العائلات بولاية تطاوين الخيام والكراسي امام منازلها لتقبل العزاء بعد ان فقدت الامل في اخبار قد تاتي ببصيص امل رغم ان كل المؤشرات توحي بان المفقودين من ابناء هذه العائلات باتوا فتاتا لسمك البحر الابيض المتوسط. هكذا هو المشهد في تطاوين منذ الاعلان عن حادثة المركب المنكوب بقرقنة، يصور في حزن عميق وفي بكائيات حيث ينتظر اهالي المفقودين رفات ابنائهم ليكرموهم بالدفن. وقد ارجع اهالي تطاوين اسباب هذه الفاجعة الي سياسات التهميش والاحتقار التي تمارسها الحكومات المتعاقبة في حق الجهة وابنائها الذين اصابهم الياس والاحباط ما اضطرهم الى ركوب قوارب الموت، وفق تعبيرهم. وللتذكير، فقد سجلت ولاية تطاوين في حصيلة اولية هلاك 3 شبان في حادثة المركب المنكوب بقرقنة. "الشروق" كان لها لقاء مع احد الناجين في حادثة المركب المنكوب المطرب الشعبي فريد الحاجي اصيل ولاية تطاوين والذي فاجأنا بعد يوم من نجاته من موت محقق باصراره على خوض محاولة جديدة لعملية "الحرقة" بعد شهر رمضان، قائلا " ساعيد الكرة" ومتسائلا" لماذا نموت احياء في اوطاننا؟" يقول الحاجي البالغ من العمر 33 سنة انه لم يكن يفكر في "الحرقة" غير ان الوضع في البلاد عامة وفي تطاوين خاصة اصبح لا يطاق بعد ان اغلقت كل السبل في وجوه شبابها الذي يعاني البطالة والفقر والتهميش. ويضيف محدثنا انه توجه الى ولاية صفاقس بعد ان اوهم عائلته بقضاء شان ما واقام باحد النزل التي كان يقيم فيها عدد كبير من الشباب الذين كانوا معه على متن القارب المنكوب بعد ان جمع مبلغ "الحرقة" المقدر ب3 الاف دينار. وبعد وقت وهو يسترجع احداث تلك الليلة وماعاشه من لحظات رعب، يقول فريد انه تم اعلامهم بانطلاق الرحلة عند اذان المغرب لاستغلال إنشغال السلطات الأمنية بالافطار، موضحا ان الربان نقل على متن المركب نحو 80 شابا وبعد أميال إلتحق بالمركب أعداد أخرى تم رصها بالقوة داخل المركب إلى أن تشقق وبدأ الماء يتسرب. ويؤكد محدثنا ان الربان أعلمهم بأن الرحلة أصبحت خطيرة ولتفادي إنقلاب المركب أو تحطمه طلب منهم الاستغناء عن بعض الاشخاص، وأمام رفض الجميع رمي انفسهم في البحر بدأ في تحريك القارب يمنة ويسرة إلى أن تحطم " الشقف". ويختتم الشاب حديثه بالقول " لقد نجوت بفضل الله اولا وبفضل تدخل عدد من البحارة الذين أنقذوه و6 أخرين قبيل وصول الوحدات الأمنية والعسكرية التي لم تتلق في البداية نداء إستغاثة بعد ان منعهم الربان من ذلك.