تونس (الشروق) تتواجد مدينة "القطار" على بعد 18 كلم من مركز ولاية قفصة وتنتصب في شموخ بمنحدرات جبل عرباطة الذي يحميها بعلوّ 1176 مترا. ويحاذي المدينة شط القطار والواحة الغناء التي تمتد على مساحة 530 هكتارا. وتعجّ المدينة وضواحيها بكثير من المواقع والمعالم الأثرية الدالة على تعاقب العديد من الحضارات التي تؤرخ لظهور الإنسان الحجري الوسطي وتعدّد "ملل" سكانها القدامى من عشائر الأمازيغ والقبائل والجاليات التي اختارت الجهة من أجل عيون مياهها وآمان جبلها. «الهرميُون» الشهير وعلى تربتها الطاهرة وقع اكتشاف «الهرميُون» أو المعلم الديني الشهير الذي يعود تاريخه إلى 40 ألف سنة خلت وصنّفه الباحثون والمؤرخون على أنّه أقدم معلم ثقافي في العالم ويتجانس عصره الموستيري مع الحضارة القبصية والفتوحات الإسلامية. سيرة حافلة وامتدادا لتاريخها القديم شهدت حقبة ما بعد الإستعمار الفرنسي جهود صلاح وفلاح للروّاد من الأجداد على امتداد سنوات الاستقلال وذلك بعدما قَدَّموا سيرة تاريخية حافلة بالنضال الوطني تؤرخ لها الجبال وساحات المعارك ومنابر الخطابة وعلى دربهم يتشبّث الأحفاد بمزيد التعمير والبناء. وتتميز «القطار» بثراء مخزونها التراثي المادي واللامادي الذي يعكس عمقها التاريخي والحضاري. وتبرز خصائصه بمثالها العمراني ونمطها المعماري المتفرّد وبسواقي ري الواحات الشهير ب»المكايل».هذا إضافة إلى تنوّع عاداتها وتقاليدها التي تتجلّى خصوصا في المناسبات العائلية والمهرجانات والخرجات. تثمين يقترن تاريخ «القطار» أيضا بحرف ومهن يدوية تقليدية قديمة لعلّ أشهرها وطنيّا صناعة «الرحي» بمختلف أحجامها واستعمالاتها إلى جانب توظيف سعف النخيل في عدّة منتوجات محليّة. وتمتاز المدينة أيضا بكثرة ساحاتها ونصبها التذكارية وأبوابها وحاراتها وتعدّد جوامعها وزوايا أولياء الله الصالحين.والتي تتناغم متجمّعة في مشهد «تراثي» وبيئي أنيق إضافة إلى تعدد مسالكها السياحية. وهذه الخصائص الحضارية والتاريخية والثقافية والطبيعية اعتمدت في بعث كثير من المشاريع والجمعيات التي تهتم بتثمين ما تزخر به الجهة من شذرات محلية مهمة.