إنَّ أعمال العِباد مناسبةٌ لأحوالهم إلا الصوم فإنَّه مناسبٌ لصفةٍ من صِفات الحق، كأنَّه يقول: إنَّ الصائم يتقرَّب إليَّ بأمرٍ هو متعلِّق بصفةٍ من صفاتي»، وكذلك المعنى بالنسبة للملائكة؛ لأنَّ ذلك من صِفاتهم. ويتمثل القُرب في الدُّعاء، فقد ذكَر الله - عزَّ وجلَّ - آية الدُّعاء مع آيات الصوم؛ فقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]. ويكون القُرب بكثْرة النَّوافل: ففي رمضان تشرع التراويح، وقد ثبَت في «صحيح البخاري» من الحديث القدسي قال الله - عزَّ وجلَّ -: «ما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ ممَّا افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصَرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يَبطِشُ بها، ورجلَه التي يمشي بها». والقُرب وقتَ السَّحَرِ: وهو وقت النُّزول الإلهي؛ حيث ينزل ربُّنا إلى سماء الدنيا فيقول: «هل من سائلٍ فأُعطِيَه؟ هل من تائبٍ فأقبَلَ توبتَه؟ هل من مستغفر فأغفرَ له؟»كما يقول الله تعالى في الحديث القدسي . يا أبن أدم، إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان فيك . ولو أتيتني بملء الأرض خطايا أتيتك بملء الأرض مغفرة ما لم تشرك بي شيئاً، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك» . وقد ثبت في الصحيح أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «إنَّ الله وملائكته يُصلُّون على المتسحِّرين».