إنّ حبّ الله يشمل جميع خلقه وليس مقتصرا على فئة دون أخرى فتراه يرزق المؤمن والكافر وخزائنه لا تنفذ كما يبيّنه في قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (البقرة 126) ومن حكمته لم يجعل خزائنه تحت تصرّف عبده لأنّهّ يعلم في سابق علمه أنّ الإنسان خلق ضعيفا فمنهم بخيل وشحيح ومنّان، فقال تعالى {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا}(الإسراء 100).
ويتجلّى حبّ الله لعباده في أنّه لا يقنّطهم من رحمته فيغفر لهم جميع الذنوب. قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر 53).
ممن يشملهم حبّ الله
1 التوابون: قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (البقرة 222) 2 المتقون: قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (التوبة 4) الذين يقون أنفسهم تعاطي ما يستحقّ به العقوبة من فعل أوترك نهي. 3 الذاكرون الله كثيرا: قال صلى الله عليه وسلّم: «ومن أكثر ذكر الله أحبّه الله». (أخرجه ابن ماجه) 4 المقسطون: قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (المائدة 42) 5 يحبّ الذين يجاهدون أنفسهم بالابتعاد عن المعاصي والمجاهدين في سبيله: قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (الصف 4 ) 6 المتوكلون: قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران 159) 7 الذين يتّبعون الرسول ے : قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران 31) 8- وأشدّ حبّا لله هم المؤمنون: قال تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} (البقرة 165) من علامات حبّ الله لعبده
1- أن يبتله: قال صلى الله عليه وسلّم: إذا أحبّ الله عبدا ابتلاه فإذا أحبّه الحبّ البالغ اقتناه قيل وما اقتناه ؟ قال لم يترك له أهلا ولا مالا. (أخرجه الطبراني) 2 حين تبتعد عنه تشعر بالوحشة: لا تشغلك النّعمة عن المنعم فأنت دائما موصولا بالله. 3- تطمح دائما إلى ما هو أفضل للتقرّب إلى الله: عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: إذ أحبّ الله تعالى عبدا جعل له واعظا من نفسه وزاجرا من قلبه يأمره وينهاه. (أخرجه أبو منصور الديلمي)
4 - القبول في الأرض: عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إنّ الله إذا أحبّ عبدا دعا جبريل فقال: إنّي أحبّ فلانا فأحبّه. قال فيحبّه جبريل، ثمّ ينادي في السّماء فيقول: إنّ الله يحبّ فلانا فأحبّوه. فيحبّه أهل السّماء. قال ثمّ يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إنّي أبغض فلانا فأبغضه. قال فيبغضه جبريل. ثمّ ينادي في أهل السّماء : إنّ الله يبغض فلانا فأبغضوه. قال فيبغضوه. ثمّ توضع له البغضاء في الأرض(متفق عليه) من ثمرات حبّه لعباده
1- وإذا أحبّ الله عبدا جعل له الودّ. قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (مريم 96) 2- يتولى الله تعالى أمرك ظاهره وباطنه، سرّه وجهره فيكون هو المشير عليك والمدبر لأمرك، والمزين لأخلاقك، والمستعمل لجوارحك. 3- في الحديث القدسي يقول الله تعالى: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التّي يمشي بها وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لأعيذنّه. (أخرجه البخاري) فيكون تقرّبه بالنّوافل سببا لصفاء باطنه وارتفاع الحجاب عن قلبه وحصوله في درجة القرب من ربّه حتّى يشاهده كأنّه يراه بقلبه.