انهزم المنتخب في حواره الودي أمام «العِملاق» الإسباني لكنه أفقد خصمه لذّة الإنتصار بفضل أدائه الكبير وصُموده الشديد في وجه «التيكي تاكا» التي دَوّخ بها «الماتادور» العالم في العشرية الأخيرة. منتخبنا خَسر اللّقاء الذي إحتضنته «كراسنودار» الروسية بهدف لصفر لكنّه تحصل مع ذلك على علامة حسن من الجماهير التونسية والصّحافة العالمية ما يجعله يخوض النهائيات المُونديالية بمعنويات تُلامس سماء «موسكو». روح المجموعة رَغم الإرتباك الذي ظهر على أداء لاعبينا في الدقائق الأولى فإن المنتخب تعامل بذكاء مع الضغط العالي للإسبان الذين راهنوا كعادتهم على «سلاح» الإستحواذ على الكرة ل»تَنويم» «النسور» وإمطار الشباك التونسية بصابة من الأهداف كما حصل منذ فترة ليست بالبعيدة أمام الأرجنتين (6 مقابل 1). «الثور» الإسباني حاول جاهدا ترهيب المنتخب ب»التيكي تاكا» التي كان يقودها «الرسام» «إينيستا» وقد تجاوزت نسبة إمتلاك الكرة ال 70 بالمائة لكن هذه السيطرة كانت عقيمة ولم تُثمر عمليات خطيرة من شأنها أن تقود الخصم إلى فوز ساحق بالنظر إلى إختلال مَوازين القُوى بين فريق يضمّ في صفوفه ترسانة من «النجوم» المُحترفة في «الريال» و»البرصا» و»مانشستر يونايتد» و»مانشستر سيتي» ومنتخب خَسر المساكني والخنيسي وغاب عنه أيضا الخزري ليستمدّ طاقاته أوّلا وأخيرا من روح المجموعة. تحسّن ملحوظ رغم أدائها المهزوز وأحيانا «الكَارثي» في بعض الوديات فإنّ «منظومتنا» الدفاعية كانت في مستوى التطلّعات أثناء المُواجهة الإسبانية. ورغم المَخاوف من تشريك «البلبولي» في المرمى (بدل الحارسين الأوّل والثاني وهما حسان وبن مصطفى) فإنّ دفاعنا حقّق الإمتياز وأثبت أنه قادر على كسب الرّهان خاصّة عندما تكون عناصرنا في أفضل حالاتها الذهنية وتَتفادى تلك الأخطاء البدائية التي وقع إرتكابها أمام البرتغال والأتراك. جاهزية عالية مرّة أخرى يُظهر فريقنا جاهزية بدنية عالية ساعدته على مُجابهة هيجان «الثّور» الإسباني ولاشك في أن هذه «الفورمة» تبعث على الأمان قبل أسبوع واحد من الرسميات (يوم 18 جوان ضدّ إنقلترا). ورَغم الأعباء الكبيرة في الدفاع فإن منتخبنا سعى إلى مُباغتة الإسبان وقد تحصل فعلا على أكثر من فرصة لهز شباك حارس «المان يونايتد» «دافيد دي خيا» لو لم تفتقر مُحاولات ساسي والسليتي وبن عمر إلى الدقة المطلوبة. ونستطيع القول ان الفريق نجح إلى حدّ ما في إحداث التوازن المنشود بين الدفاع والهجوم وكان بالإمكان الظّفر بنتيجة أفضل لولا غياب التركيز في إنهاء الهَجمة. هفوة العادة صَمد المنتخب أكثر من 80 دقيقة قبل أن يُسجّل الإسبان هدفهم «اليَتيم» وكان فريقنا قد «صَبر» أمام الخصم نفسه لسبعين دقيقة أو يزيد في المباراة الشهيرة التي جمعت بين الفريقين في مونديال 2006 والتي انتهت ل «الماتادور» بثلاثية بعد أن كانت تونس مُتقدّمة بهدف المناري. منتخبنا لعب ليلة أمس الأول مباراة بطولية ضدّ أحد «كبار» الكرة العالمية لكنّه لم يستطع الخروج بالتعادل بسبب هفوة دفاعية في الوقت القاتل وهو أمر مَقبول في الوديات ومَمنوع في الرسميات التي ستكون فيها النتيجة في المَقام الأول والأداء في المنزلة الثانية. عُموما كانت الخيارات الفنية لمعلول مُوفّقة إلى حين التغيير الحاصل في الدفاع والمُتمثّل في إضافة عنصر ثالث في المحور (بن علوان). والحقيقة أن هذا الأسلوب كثيرا ما تسبّب لنا في المتاعب. حدث ذلك أمام الكونغو الديمقراطية في «كينشاسا» وقد تكرّر السيناريو عينه في الدقائق الأخيرة من لقاء الاسبان.