سورة التوبة هي السورة التاسعة في ترتيب السور القرآني الكريم. وهي من ضمن السور التي تسمى ب (المئين)، وهي سورة مدينة بالإجماع، وعدد آياتها تسع وعشرون ومائة آية. وهي من آخر السور المدنية الطوال نزولا. وهي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي لم تبدأ بآية البسملة. تعددت أسماء هذه السورة، وقد ذكر ابن عاشور في «تفسيره»، أن لها أربعة عشر اسما، هي: التوبة، براءة، المقشقشة، الفاضحة، العذاب، المنقرة، البحوث، الحافرة، المثيرة، المبعثرة، المخزية، المشددة، المدمدمة. والاسم الأشهر لهذه السورة «براءة»؛ قال ابن عاشور: «افتتحت السورة كما تفتتح العهود وصكوك العقود بأدل كلمة على الغرض الذي يراد منها، كما في قولهم: هذا ما عهد به فلان، وهذا ما اصطلح عليه فلان وفلان، وقول الموثقين: باع، أو وكَّل، أو تزوَّج، وذلك هو مقتضى الحال في إنشاء الرسائل والمواثيق ونحوها». وبالفعل فإن هذه السورة ابتدأت حديثها بإعلان البراءة من أفعال الكافرين، وأعلنت المفاصلة بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل الإيمان وأهل الشرك، وأهل الإسلام وأهل النفاق. وتضمنت السورة مقاصد أُخر، نذكر منها: - معاداة من أعرض عن اتباع الداعي إلى الله في توحيده، واتباع ما يرضيه، وموالاة من أقبل عليه. يدل على هذا المقصد: قصة الثلاثة المخلَّفين، فإنهم هُجروا، وأُعرض عنهم بكل اعتبار، حتى بالكلام وبالسلام، إلى أن تاب الله عليهم. - تقرير عدة عقائد من أصول الإيمان، وكمال التوحيد، وحصول اليقين، جُمعت كلها في آية واحدة من هذه السورة، وهي قوله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} التوبة:51. فالمؤمن يعتقد أن الله تعالى هو مولاه الذي يتولى نصره وتوفيقه ، فهو بمقتضى إيمانه يتوكل عليه ويفوض أمره إليه. - تقرير أن دين الإسلام هو نور الله تعالى العام، وهداه الكامل التام، الذي نسخ به ما تقدمه من الأديان، ووعد الله عز وجل بإتمامه، وخذلان مريدي إطفائه. - بيان أن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هما مدخل الإسلام ومفتاحه وما يتحقق به، وهو قوله تعالى في المشركين: «فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين» التوبة:11. - التأكيد على المساواة بين الرجال والنساء في ولاية الإيمان المطلقة ، في قوله: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض»التوبة:71. والمساواة بينهما في جميع نعيم الآخرة تبعا للمساواة في التكليف، يفهم ذلك من قوله سبحانه: «وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم»التوبة:72. - كون بذل الأموال في سبيل الله آية الإيمان الصحيح وقِوام الدين الحنيف، - بيان فوائد الزكاة المفروضة والصدقات، وإصلاح الإسلام النظام المالي للبشر، وامتيازه بذلك على جميع الأديان. - إعلان البراءة من المشركين، لدفع المفاسد المترتبة على بقائها. - بيان سياسة الإسلام في التعامل مع المنافقين، وأن من أظهر الإسلام منهم يعامل كما يعامل سائر المسلمين؛ لأن قاعدة الإسلام في هذا الصدد: أن الحكم على الظواهر، وأن الله تعالى وحده هو الذي يحاسب، ويعاقب على السرائر.