سورة فصلت هي السورة الواحدة والأربعون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي السورة الحادية والستون في ترتيب نزول السور. نزلت بعد سورة غافر، وقبل سورة الزخرف، وهي السورة الثانية من الحواميم السبع بعد سورة غافر، وهي مكية بالإجماع، وعدد آياتها أربع وخمسون آية. الاسم المشهور لها هو «سورة فصلت»؛ لوقوع كلمة «كتاب فصلت آياته» فصلت:3 في أولها، فعُرفت بها؛ ذكر أهل العلم والتفسير ما تضمنته هذه السورة من مقاصد ومن ذلك : - قول ابن الزبير في «مراصده»: «مقصودها: الإعلام بأن العلم إنما هو ما اختاره المحيط بكل شيء قدره، وعلم من علمه لعباده، فشرعه لهم، فجاءتهم به عنه رسله. وذلك العلم هو الحامل على الإيمان بالله، والاستقامة على طاعته. المقترن بهما، النافع في وقت الشدائد»، قلت: هذا مستفاد من قوله سبحانه في السورة: «إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه»فصلت:47. - قول الفيروز آبادي في «بصائره»: «مقصود السورة: بيان شرف القرآن، وإعراض الكفار من قبوله، وكيفية تخليق الأرض والسماء، والإشارة إلى إهلاك عاد وثمود، وشهادة الجوارح على العاصين في القيامة، وعجز الكفار في سجن جهنم، وبشارة المؤمنين بالخلود في الجنان، والاحتراز من نزغات الشيطان، والحجة والبرهان على وحدانية الرحمن، وبيان شرف القرآن، والنفع والضر، والإساءة، والإحسان، وجزع الكفار عند الابتلاء والامتحان، وإظهار الآيات الدالة على الذات والصفات الحسان، وإحاطة علم الله بكل شيء من الإسرار والإعلان، بقوله: «ألا إنه بكل شيء محيط»فصلت:54». - وقال ابن عاشور في «تحريره»: «أغراض السورة: التنويه بالقرآن، والإشارة إلى عجزهم عن معارضته، وذكر هديه، وأنه معصوم من أن يتطرقه الباطل، وتأييده بما أنزل إلى الرسل من قبل الإسلام، وتلقي المشركين له بالإعراض وصم الآذان، وإبطال مطاعن المشركين فيه، وتذكيرهم بأن القرآن نزل بلغتهم، فلا عذر لهم أصلاً في عدم انتفاعهم بهديه. وزجر المشركين وتوبيخهم على كفرهم بخالق السماوات والأرض مع بيان ما في خلقها من الدلائل على تفرده بالإلهية. وإنذارهم بما حل بالأمم المكذبة من عذاب الدنيا، ووعيدهم بعذاب الآخرة وشهادة سمعهم وأبصارهم وأجسادهم عليهم، وتحذيرهم من القرناء المزينين لهم الكفر من الشياطين والناس، وأنهم سيندمون يوم القيامة على اتباعهم في الدنيا، وقوبل ذلك بما للموحدين من الكرامة عند الله. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفعهم بالتي هي أحسن، وبالصبر على جفوتهم، وأن يستعيذ بالله من الشيطان. وذكرت دلائل تفرد الله بخلق المخلوقات العظيمة كالشمس والقمر. ودلائل إمكان البعث، وأنه واقع لا محالة، ولا يعلم وقته إلا الله تعالى. وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بتأييد الله إياهم بتنزل الملائكة بالوحي، وبالبشارة للمؤمنين. وتخلل ذلك أمثال مختلفة في ابتداء خلق العوالم، وعِبَرٌ في تقلبات أهل الشرك، والتنويه بإيتاء الزكاة».