باستثناء كلمة رئيس الحكومة المقتضبة وغير الواضحة التي ألقاها منذ حوالي أسبوعين حول الازمة السياسية القائمة، غابت المُصارحة والشفافية عن الأطراف الفاعلة في السلطة وهو ما جعل الشعب يعيش حالة غير مسبوقة من ضبابية المشهد العام.. تونس – الشروق – رغم مرور بضعة أشهر على اشتداد الأزمة السياسية القائمة في تونس، لم تهتد الأطراف الفاعلة الى حد الآن إلى حل واضح وصريح يخدم مصلحة الجميع ولا يقتصر فقط على المصالح الحزبية والسياسية الضيقة. فقد تكررت مثل هذه الازمات التي تأتي في كل مرة لتزيد في تعطيل البلاد ولتدخل الارتباك على مختلف أجهزة الدولة وخاصة على الادارة ولتُعطّل الدورة الاقتصادية ولتُفسد علاقاتنا الدولية ولتُصيب المواطن بالخوف من المستقبل. انقسام في المدة الأخيرة الآراء انقسمت بين من يدعو الى استبدال الحكومة ورئيسها ومن يرى أنه لا داعي الى ذلك وأنه يجب تواصل حالة الاستقرار إلى حين موعد انتخابات 2019. حالة من الانقسام خلقت أزمة سياسية حادة في البلاد بما انها أثرت على العلاقات القائمة بين المُوقعين على وثيقة قرطاج خاصة بين الحزبين الأولين نداء تونس والنهضة وبين الحكومة واتحاد الشغل وبين الحكومة وحزب نداء تونس وبين اتحاد الشغل والنهضة، إلى جانب ما خلقته ايضا من اختلافات في المواقف بين بعض مكونات المعارضة وايضا داخل الحزب الحاكم نداء تونس.. صمت الجميع رغم ذلك لم تُحرّك الأطراف المعنية إلى حد اليوم ساكنا. وهو ما جعل الازمة وحالة الغموض والمخاوف تتعمق.. فلا رئيس الحكومة يوسف الشاهد كان واضحا في كلمته الاخيرة ليقول إنه باق الى 2019 ام لا.. ولا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي توجه الى الشعب بكلمة ليصارحه بما سيحصل في الفترة القادمة.. ولا بقية أطراف وثيقة قرطاج كانوا بدورهم «جديّين» في التعامل مع الازمة. بل اكتفوا في كل مرة بكلام سطحي وفضفاض إما لنقد الحكومة أو لمؤازرتها أو للقول بأنه توجد أزمة في البلاد ولا بد من حلحلتها، ولا البرلمان تدخل في الازمة وتحرك من أجل ايقافها إما سياسيا او دستوريا. الحسم الثابت ان التونسيين سئموا مثل هذه المناورات السياسية وسئموا ايضا حالة الغموض التي اصبحت تحيط بمنظومة الحكم في تونس. فكل الانظمة الديمقراطية في العالم تعتمد مبدأ الشفافية والنزاهة والصراحة تجاه شعوبها في تسيير الحكم لكن في بلادنا يحصل العكس في ظل رغبات جامحة لدى الجميع لبلوغ السلطة او للمحافظة على المناصب وعلى الكراسي حتى وان كان ذلك على حساب مصلحة الدولة ومصلحة الشعب وباستعمال طرق ملتوية ومناورات وبممارسة ضغوطات عبر محاولة ادخال البلبلة والارتباك لدى الرأي العام. كل ذلك دفع بالمتابعين الى الدعوة إما الى الحسم ( التوافق ) سياسيا في بقاء الشاهد لتواصل حكومته الى 2019 او الحسم في رحيله عبر تفعيل الدستور حتى يقع القطع مع ما يحصل من مظاهر أصبحت مخالفة لتقاليد الديمقراطية في العالم وتتسبب في احتقان وفي مشاكل عديدة على الساحة السياسية فتسربت عدواها الى الحياة العامة. فرضيات الإقالة أو البقاء خصص دستور جانفي 2014 ما لا يقل عن 5 فصول (89 – 97 – 98 - 99 - 100) للحديث عن طريقة تكوين الحكومة وايضا عن طريقة انهاء مهامها. وإذا كان تكوين الحكومة يتم بطريقة واحدة نص عليها الفصل 89 فإن انهاء مهامها يكون عبر 3 آليات دستورية وهي : أولا : سحب الثقة منها في البرلمان بتصويت الاغلبية المطلقة على لائحة لوم ضد الحكومة بعد طلب مُعلل يوجهه ثلث النواب الى رئيس المجلس (الفصل 97). لكن هذه الطريقة غير ممكنة حاليا لأن البلاد تحت طائلة حالة الطوارئ والفصل 80 من الدستور ينص على أنه لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة في حالة الطوارئ. ثانيا : طلب رئيس الجمهورية من البرلمان التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها فإن لم يتم التصويت اعتبرت الحكومة مستقيلة (الفصل 99). ثالثا : استقالة رئيس الحكومة من تلقاء نفسه والتي تعد استقالة للحكومة برمتها (الفصل 98)، أو عندما يطلب رئيس الحكومة من البرلمان التصويت على الثقة في المواصلة فإن لم يحصل التصويت اعتبرت الحكومة مستقيلة. وتوجد حالة أخرى لنهاية عمل الحكومة (وليس لإنهائه) وهي حصول شغور نهائي لمنصب رئيس الحكومة لاي سبب عدا حالتي سحب الثقة أو الاستقالة، مثلا الوفاة أو العجز التام.. (الفصل 100).