ارسى الدين الإسلامي الأخلاق الفاضلة، والقيم، والمبادئ، والمثل السامية التي تضمن تماسك المجتمع، وتعايش أفراده مع بعضهم بعضاً أياً كان توجههم، ومعتقداتهم، ولقد كان الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم في قمة الأخلاق، والتعامل الأخلاقي، وقد امتدح القرآن الكريم خاتمهم نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم في سمو أخلاقه، فقال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ وقد سُئلت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: «كان خُلقه القرآن». وفي الحديث الشريف عند الطبراني في الأوسط: " ثلاث يصفين لك الود في صدر أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجالس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه ". وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". إن الكثير من المجتمعات الإسلامية اليوم تعيش منذ زمن حالة ضعف الالتزام بالأخلاق، والقيم، والمبادئ، والمثل الإسلامية السامية، مثل: إفشاء السلام، والعدل، والإحسان، والصدق، والأمانة، وحسن الأخلاق، والتواضع، والتراحم، وحسن الظن بالآخرين، والمحافظة على أعراضهم، ومحبة المسلم لأخيه ما يحبه لنفسه. إن الإسلام دين السلام، والكمال، وبتشريعه للأخلاق الفاضلة، والقيم، والمبادئ النبيلة، يريد من المسلمين أن يكونوا أمة متميزة في كل شيء، في تعاملها، وفي أعمالها، وفي أقولها، كما أن التعامل الأخلاقي في كل شؤون الحياة اليومية داخل أي مجتمع دليل تحضره، ووعيه بهذه الأخلاق، وأهميتها، ومتى غابت الأخلاق عنه، فهو دليل تخلف، وقلة وعي شئنا أم أبينا. وبذلك فإن ترسيخ القيم ضرورة دينية وحاجة ملحة لا مفر منها ولا بديل عنها ولا يمكن ذلك إلا عبر الممارسات اليومية الدائمة، إذ أن مزاولة القيم الحميدة في الحياة يضبط السلوك ويعمق المسؤولية فتصبح القيمة بذلك ملكة وسجية. وتختلف المعتقدات والتصورات باختلاف الثقافات ومن ذلك تختلف المنظومة القيمية النابعة منها، وأمة الإسلام متميزة بثقافتها وثقافتنا كفيلة بحفظ منظومتنا القيمية صافية نقية ما دمنا مؤمنين متمسكين. ففقدان منظومتنا القيمية وضياع لهويتنا الثقافية والحضارية يفسح المجال للقيم الوافدة لأخد مكانها والسيطرة على عقول شبابنا.