بعد أن تم عقد صلح الحديبية بين المسلمين والمشركين من قريش، دخلت قبيلة خزاعة في حلف المسلمين، ودخل بنو بكر في حلف قريش، وحدث أن اعتدى بنو بكر على خزاعة، وإذا بقريش تساعدهم، وترسل لهم السلاح، وبذلك خانت قريش عهدها مع رسول الله. وأقبل عمرو بن سالم الخزاعي يشكو لرسول الله الغدر والخيانة، فوعده الرسول بالانتصار لهم. وفي مكة ندم الكفار على خيانتهم للعهد، وشعروا بفداحة جُرمهم، وأدركوا أنهم أصبحوا مهددين، فذهب أبو سفيان إلى المدينة ليقابل رسول الله ويعتذر ويؤكد المعاهدة بين قريش والمسلمين. وبدأ النبي يستعد للسير إلى مكة، وفي العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة، خرج الرسول ومعه المسلمون يملؤون الصحراء، في عشرة آلاف مقاتل متجهين إلى مكة. ومن مكة، خرج أبو سفيان ومعه بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام، ليتجسسوا على المسلمين، ولم يكونوا على علم بقدوم الرسول إليهم. وفي جوف الليل، رأوا النيران المشتعلة تملأ الصحراء... وتعجبوا من كثرة النيران فقال أحدهم: لعلها خزاعة. فقال أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. وسمع العباس عم النبي -وكان قد أسلم- صوت أبي سفيان في جوف الليل، فناداه وأخبره أنها نيران المسلمين، ووقف أبو سفيان مندهشًا ينظر إلى جنود المسلمين وعلم ان قريشا لا قبل لها بقتالهم وتوجه أبو سفيان مع العباس إلى رسول الله، واسلم بعد حوار مع النبي وعندما دخل الرسول والمسلمون مكة أراد أن يكرم أبا سفيان، فقد كان رجلاً يحب الفخر، فقال الرسول: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن". وأسرع الناس إلى بيوتهم يختبئون، وامتلأت شوارع مكة بالمسلمين دون قتال سوى اشتباك قليل بين خالد بن الوليد وبعض الكفار في جنوبمكة. ودخل الرسول الكعبة، وطهرها من الأصنام بعد أن كانت من قبل مليئة بها، وهدَّم الرسول والمسلمون ثلاثمائة وستين صنمًا كانت حولها، ثم قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم. فنظر إليهم الرسول فقال: "لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين). اذهبوا فأنتم الطلقاء". وأقام الرسول في مكة تسعة عشر يومًا يعلِّم الناس أركان الإسلام، ويرسل القادة والفرسان لهدم أصنام القبائل المجاورة.