مع إعلانه الفوز في الانتخابات الرئاسية التركية، وحتى قبل ظهور النتائج النهائية سارع الرئيس التركي رجب أردوغان وبصلفه المعهود إلى إعلان تصميمه على التمادي في العملية العسكرية التي يشنها جيش بلاده داخل الأراضي السورية بتعلّة «محاربة الجماعات الإرهابية». حيث لم يتردد في إعلان نيته توسيع هذه العملية ليحوّلها إلى اكتساح كبير للأراضي السورية وذلك حسب زعمه لتوفير ظروف ملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم». وبهذا التصريح يكون أردوغان قد كشف الوجه الحقيقي القبيح للتوغل العسكري التركي داخل الأراضي السورية أي أن أردوغان يريد بغطرسة القوة أن يحقّق ما عجزت عن تحقيقه لبلاده الجماعات الإرهابية التي درّبت وموّلت في تركيا والتي فتحت لها السلطات التركية الأبواب وزجت بها داخل الأراضي السورية في مسعى مكشوف لإسقاط الدولة السورية ولتوفير فرص تمدّد وتمطط «الخلافة العثمانية» التي يحلم أردوغان بإنعاشها في الأراضي السورية. وإلا فكيف نصدق أن أردوغان الذي كان ولا يزال أحد الأطراف الأساسية في إشعال الحريق الكبير داخل الجغرافيا السورية... والذي استقدمت بمقتضاه جحافل الإرهابيين من أكثر من 80 دولة لتتلقى التدريبات والأسلحة والتمويلات داخل تركيا... كيف نصدق أن هذا الشخص أصبح بعد انهيار المؤامرة الكبرى بفضل استبسال الجيش العربي السوري وحنكة القيادة السورية وتماسك الشعب السوري من أعداء الإرهاب ومن المتحمسين لمحاربته داخل سوريا؟ كيف نصدق أن هذا الشخص قد تخلّص من أوهامه وأحلامه السلطانية وتذكّر فجأة أن تنظيم داعش وإخوانه قد أوغل في الدم السوري وأشعل حربا أدت إلى تدمير سوريا وتهجير جزء من أبنائها وأنه بات من الضروري محاربته واستئصال شروره لتأمين عودة المهجّرين السوريين؟ وما الذي يمنعنا من ان نصدّق بأنه وازاء فشل الوكيل قرر الاصيل ان ينزل بنفسه الى الميدان... وبأن الجيش التركي ينفذ الآن وسيواصل حسب وعيد أردوغان تنفيذ المهام التي عجزت عن تنفيذها جحافل الارهاب المستقدمة من كل بقاع الدنيا؟ إن المنطق السليم، لو كان هناك منطق سليم في التدخل التركي في الأزمة السورية منذ ارهاصاتها الاولى وحتى الآن، يقضي بأن تسحب تركيا البساط من تحت أقدام الجماعات الارهابية المتطرفة التي تدعمها ووقتها سوف يسهل على الجيش العربي السوري تولي أمرها وأمر استئصالها من كامل الجغرافيا السورية.. ان من يريد محاربة الارهاب «تطوعا ولوجه الله» داخل الاراضي السورية يجب ان يمر عبر السلطات الشرعية والرسمية في سوريا المخولة وحدها لمنح الضوء الاخضر لمن تتوسم فيه الجدية وخلاص النية في المساعدة على محاربة الارهاب. أما هذه السفسطات وهذه الشطحات فإنها لن تفلح في تغطية الوجه القبيح للاحتلال التركي.. الذي يستدعي مقاومته ومقارعته حتى دحره خارج الاراضي السورية.. ولو بعد حين!