كانت إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان تسعى الى التخلص من العقيد القذافي بل تصفيته جسديا، بعد أن اتهمته بالضلوع في عملية تفجير الملهى الليلي "لابيل" في برلين. كان ذلك يوم 5 أفريل 1986 وقد أسفر ذلك التفجير عن مقتل أربعة زبائن من رواد الملهى، ومن ضمنهم ثلاثة جنود من قوات المارينز ، في حين اصيب أكثر من مائتي شخص بجروح. تقول أجهزة المخابرات الأمريكية انها رصدت رسائل تهنئة صادرة عن ليبيا إلى السفارة الليبية في برلين. فما كان من الرئيس رونالد ريغان إلا أن أصدر أوامره بقصف طرابلس وبنغازي، وقد أسفرت الغارة الجوية عن مقتل 15 شخصا على الأقل إضافة إلى الأضرار المادية الفادحة. ويشير الكاتب الأمريكي بوب وودوورد في كتابه "الحجاب... الحرب السرية للاستخبارات المركزية الأمريكية من 1981 إلى 1987" الى ان "الولاياتالمتحدة في 23 مارس 1986 حشدت لبروفة الهجوم على ليبيا 45 سفينة حربية و200 طائرة مقاتلة من فرقة أرمادا البحرية مع الغواصة النووية "لوس انجلوس 688 مع ثلاث ناقلات كبيرة و32 زورقا صغيرا شكلت ما سمي بخط الموت اصطف جميعها على بعد 120 ميلا بحريا من شواطئ خليج سرت علما بأن الحدود البحرية الليبية لا تزيد على 12 ميلا بحريا في عمق البحر الابيض المتوسط مع وجود 100 طائرة حراسة واستطلاع كانت تؤمن تلك القوات. ولا يخفي وودوورد ان "القذافي كان قد صدر في شأنه قرار لاغتياله من الرئيس الامريكي غير أنه كان يجد صعوبة للنيل من "فرانكنشتاين ليبيا" كما كانوا يلقبون القذافي في "السي آي ايه بسبب الاجراءات الامنية المشددة حوله وحماية السوفيات له وتفاني رجال الحراسة الخاصة به في الدفاع عنه بسبب العلاقات الغرامية التي كان يجبرهم عليها قبل قبولهم في فريق الدفاع عنه ويضيف: "ان القذافي كان مشكلة حيث كان يهدد مصالح اوروبية عدة خاصة فرنسا بعدما دفع بعشرات الآلاف من جنوده الى تشاد مهددا باحتلالها كما انه كان يريد قتل الرئيس المصري السابق أنور السادات والرئيس السوداني السابق جعفر نميري لانهما ساعدا حسين حبري في تشاد أمام قواته ويكشف المؤلف ان القذافي هدد حتى السعودية عندما ساندت اليمن الشمالية". لكن أخطر قضية يلقي الكتاب عليها الضوء للمرة الاولى، هي حقيقة ادّعائه امتلاك القذافي لاسلحة ورؤوس نووية. ويذكر المؤلف ان "الاتحاد السوفياتي سلم القذافي في ديسمبر 1980 رأسا نوويا مخصبة يبلغ وزنها 11 كيلوغراما من نوع "اتش آي يو" وضعها القذافي في معمل خارج طرابلس وتحديدا في منطقة تاجوراء غير ان الكمية كانت غير كافية لحسم القدرة السياسية والعسكرية لقواته فتعاقد مع الاتحاد السوفياتي على كمية أخرى في العام1990لكن بوب وودوورد يؤكد ان "الكمية المطلوبة حصل عليها القذافي عبر النيجر على متن رحلة طيران ليبية عادية في 5 جويلية 1981. سارت ادارة الرئيس الامريكي رونالد ريغان الى التهويل في مزاعم امتلاك السلاح النووي و ادعت حصولها على ما قالت انها "معلومات دامغة" مفادها أن القذافي قد يكون بصدد تطوير برنامج سري لإنتاج الأسلحة الكيماوية، مدّعية ثبوت صحة تلك المعلومات، رغم أن بلدانا كثيرة قد أبدت آنذاك شكوكها ومن بينها فرنسا نفسها. كثر الحديث في تلك الفترة عن مصنع الرابطة الذي زعمت واشنطن أن القذافي كان يطور فيه برنامجا سريا لإنتاج الأسلحة الكيماوية وقد تناول إنتاج أكثر من خمسة وعشرين طنا من غاز الخردل المميت للأعصاب. كما فتحت الولاياتالمتحدة في هذا الاطار ملف الدعم السخي لحركات التحرر والمقاومة في كل من جنوب افريقيا وفلسطين ولبنان الامر الذي دشّن حقبة دراماتيكية جديدة بين الطرفين و فتح الباب على مصراعيه أمام مخطط التخلص من القذافي. وإلى حلقة قادمة