في خطوة مفاجئة قرر رئيس الجمهورية الدعوة اليوم إلى اجتماع يضم العناصر الأهم والأكثر وزنا في لجنة وثيقة قرطاج II وهم على التوالي: محمد الناصر رئيس مجلس النواب ونورالدين الطبوبي أمين عام اتحاد الشغل، وسمير ماجول رئيس اتحاد الصناعة والتجارة، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وحافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب نداء تونس. وإلى هؤلاء ينضم وهنا تكمن المفاجأة رئيس الحكومة يوسف الشاهد. ماذا يمكن أن تعني دعوة يوسف الشاهد إلى هذا الاجتماع الذي يعيد، بعد تصحيحها وحصرها حول العناصر الأكثر تمثيلا وفاعلية لجنة قرطاج II بعد القرار الرئاسي إيقاف عملها يوم 28 ماي الماضي؟ أكثر من إجابة يمكن أخذها في الاعتبار. أولا: أن الرئيس قائد السبسي، وخلافا لما ذهب إليه البعض بمن فيهم سياسيون معتبرون، أبعد من يكون قد انتهى وأنّه على عكس ذلك لايزال يحتفظ بأكثر من ورقة للتحكّم في اللّعبة السياسية، وما دعوته هذه إلا تأكيد على أنه يحسب جيّدا اللعبة وأنه لئن لازم سكوتا بدا أحيانا أطول من اللزوم ومثيرا للقلق فلأنه قد يكون أراد أن يتخذ مسافة من الأحداث تمكّنه من وضع الأمور في إطارها الصحيح. وإطار لجنة قرطاج II لم يكن صحيحا بسبب حجمه الضّخم الذي حوّل هذه اللجنة إلى «لجنة شعبية» سلكت سلوكا عجيبا تمثل في تخويل نفسها الحق في تغيير رئيس الحكومة وهو حق حصري لرئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب. اجتماع اليوم سيعيد الأمور إلى نصابها وسيوفّر المناسبة للرئيس الباجي «ليضرب عصفورين بحجر واحد». يجدد أولا، ربط الحوار مع اللاعبين السياسيين الفاعلين وفي ما بينهم، ويحملهم مسؤولياتهم في ظروف يتفق الجميع على وصفها بالخطيرة، ويعيد تفعيل التوافق مع رئيس النهضة الأستاذ راشد الغنوشي بما يمكن من إضفاء الاستقرار على الحياة السياسية التي عرفت تشنجا ملحوظا منذ إيقاف التشاور حول وثيقة قرطاج II، ومن حشد التأييد داخل البرلمان لصالح القوانين التي من الضروري أن يصادق عليها البرلمان لتحقيق الإصلاحات التي تتأهّب الحكومة لعرضها على النواب تحقيقا لالتزاماتها وتعهداتها الداخلية والخارجية. ولا يحتاج الملاحظ إلى جهد كبير حتى يدرك أن تقليص عدد المشاركين وحصرهم في مثل هذه المجموعة الهامة إنما لغاية في نفس الرئيس قائد السبسي يريد أن يقضيها بإنهاء التوتّر الخطير الذي سبّبه الخلاف المعلن بين يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي والذي تحوّل بسبب المزايدات والتراكمات إلى أزمة متعدّدة الأبعاد والمخاطر. وقد يتحقق نهاية هذا الخلاف بإنجاز التغيير الحكومي المنتظر والذي أصبح ضروريا بعد استقالة الوزير مهدي بن غربية. لكن السؤال هو إلى أي حدّ سيكون حجم التحوير وما هي آفاقه وحدوده وهل سيكون مرتبطا بمواعيد 2019؟ كل الأجوبة تبدو اليوم واردة في انتظار ما سيتفق عليه المجتمعون.