لم يكن مونديالا اعتياديا وبرأي الجميع.. الفرق المشاركة.. المشجعين وكل من زار روسيا لحضور المونديال. هو مونديال المفاجات والمفارقات..أبدعت فيه فرق لا تملك ارثا كبيرا أو حتى تاريخا قريبا في بطولات كأس العالم وهوت منتخبات لطالما حجزت لنفسها المراتب الأولى في البطولات الدولية.تألق شعاع لاعبين مغمورين وهوت نجوم من سماء كرة القدم العالمية ايذانا بقرب رحيلها ومع كل الانجازات والنجاحات والاخفاقات استطاعت روسيا أن تربح رهان تنظيم كأس العالم..و بجدارة . صحيح أن المنتخب الروسي لم يصل الى المراتب الأولى ولكن روسيا سجلت أهدافا رائعة كبلد منظم تحسب لها .ليس في مجال التنظيم المحكم للمونديال فحسب وانما حتى على المستوى الشعبي ولربما السياسي أيضا .فلطالما كانت روسيا بلدا وشعبا وسياسة هدفا للتضليل الاعلامي لاعتبارات تمس عمق خلافاتها السياسية ،الايديولوجية والتاريخية مع محيطها الأوروبي وبالطبع مع الولاياتالمتحدة، ليأتي المونديال ويعدل من عدسة الكاميرا المقلوبة بما سجله الروس من دقة التنظيم ،و حسن الاستقبال، وكرم الضيافة ماديا ومعنويا وروحيا، والرقي في التعامل مع كل ضيوفهم على مختلف ألوانهم وأجناسهم وحتى انتماءاتهم،و في الاستعداد المحكم لكل الأحداث والأهم الاستعداد التام لحماية ضيوفها من كل الطوارىء أيا كان نوعها.مما لا شك فيه أن المونديال منح روسيا فرصة هامة للترويج لجمال مدنها وطبيعتها، ولطيبة شعبها الصادقة، ولمخزونها الثقافي والتاريخي الثري، و فرصة للتأكيد بأنها روسيا السلام والروح الجماعية واحترام الاخر .و لكن نجاح التنظيم قد منح العالم أيضا هدنة رائعة من الأزمات والتوترات المتتالية وتقاربا بين شعوبه قد تكون لبنة ولو صغيرة لبناء أسس جديدة في التفاهمات الدولية تقوم على نبذ العنف والاقصاء واحترام الاخر مهما صغرت مساحة بلاده أو كان لونه . رئيس الفيفا قال في لقائه مع الرئيس بوتين قبل النهائي بيوم: (أن المونديال كان فرصة للعالم ليغير من نظرته لروسيا ) وهو تعبير يحمل من العمق ما يكفي لأخذه على محمل الجد وصحته ترتكز على فكرة مهمة وهي أن المونديال أظهر للعالم الوجه الحقيقي لروسيا.