عرّف أحمد البختري في كتابه - الجديد في أدب الجريد – حامة الجريد بمناخها ومائها فقال : «بلدة الحامة هي البلدة الرابعة بمنطقة الجريد إنّها بلد الوحي ومهبط الشعور لحسن مناخها وطيب نسيمها وخفّة مائها والداخل إلى الحامة يعتبر نفسه داخلا إلى بلد الرّاحة والاستجمام والذي أشهر من أن يعرف هو (نهر النشوع) المعروف بخفة مائه الذي يساعد على الهضم في الحال وهو أعذب من الفرات وأحلى من الزلال وتقع عين هذا النهر في منتزه عين النشوع المطلّ على المنطقة على مستوى الطريق الوطنية المؤدية إلى توزر و كان يرتاده شاعر إرادة الحياة أبو القاسم الشابي وكان هذا النهر حسب شهادة أهالي حامة الجريد أحد المنابع التي يسقي العباد وواحتها والتي حدّثنا عنها الفلاّح والخبير في الواحات شاكر بردولة فقال «لقد كانت حامة الجريد في فصل الصيف أشبه بالمهرجان الشعبي التلقائي حيث كان أهل الجريد يقيمون فيها مدة الصيف للاستحمام واستغلال عيونها الطبيعية السّاخنة وكانت قبلة لعديد الجهات الأخرى للاستحمام والاستشفاء بردم الجسم في التراب ثمّ الغطس في المياه الساخنة ويكون الشفاء عاجلا بإذن الله وحامة الجريد كانت لها خصوصية في مياه الشرب من منبع عين النشوع الذي قال فيه الأديب المكاوي المراكشي : إنّ ماء النشوع ماء عظيم ***يدع الجوع في الفؤاد يهيم وهواها هو الدّواء ولكن***راق فيه الهوى ورقّ النّسيم وكانت واحات حامة الجريد يكثر فيها النشاط الفلاحي في جانب الخضروات التي تميزت بها جهة الجريد في الصيف وهي من الخصوصيات التي تعرف بها حامة الجريد مثل « القناوية « وهي جريديّة في الأصل وكان أهالي الجريد حسب قوله أوّل من زرع نبتة القناوية في البلاد التونسية ولخضر وفواكه حامة الجريد نكهة خاصّة مثل البطّيخ والفلفل فهي تتغذّى من تربة غنيّة بالكبريت و فريدة من نوعها تعطي نكهة خاصّة لهذه الخضروات ويزرع أهالي الحامّة هذه الخضروات بكثرة لأنّ رواجها سهل لكثرة المصطافين بها وتنقسم الواحة القديمة بحامة الجريد إلى ثلاث مناطق واحية وهي « واحة العرق وواحة النملات وواحة محارب « وأحدث المستعمر الفرنسي بها ضيعة فلاحية على مستوى الطريق الوطنية الرابطة بين قفصةوتوزر تعرف بشركة ستيل وكانت كلّها من زراعات معمّرين فرنسيين وغرست أغلبها بسواعد رجال حامة الجريد وهم أوّل من قاموا بأوّل تجربة لتعصير واحات النخيل ونسج على منوالها النظام التونسي مباشرة ...ولحامة الجريد حاليا محطة تبريد تعرف محلّيا باسم « النّافورة « للاقتصاد والتحكّم في الطّاقة تمّ استحداثها سنة 1997 لتبريد المياه الحارّة واستغلالها للريّ وتتوقّف عندها قوافل السياح لالتقاط صور والاستمتاع بجمال منظر تدفق المياه وسيلانه ودورانه وهي مقصد العديد للاستحمام فيها صيفا وسباحة الأطفال في حوضها وهي مشهد من المشاهد الخلاّبة بحامة الجريد فهي في شكلها الذي وصفه لنا رئيس جمعية مائية سابق عمارة شريقي والذي أشرف على بنائها فقال هي هرم من السواقي في قمته نافورة ينساب منها الماء شلالات لينحدر في الساقية الأولى ويأخذ في الدوران منتقلا من ساقية إلى ساقية على طول محيط الهرم وصولا إلى آخر ساقية في أسفل الهرم ثمّ يمضي عبر قنوات إلى حوض ومنه إلى واحة النخيل ويبلغ عدد السواقي بها 33 ساقية بطول 3200 متر وتبلغ درجة حرارة الساقية الأولى في قمة الهرم 75 درجة والساقية الأخيرة 30 درجة في الصيف وهي في حاجة إلى صيانة وترميم بصفة منتظمة وكلس السور وزخرفته برسوم معبرة ولوحات تشكيلية وإشهارية وتهيئة مدخلها وتنظيف محيطها وحراستها ..