انتقلت المُعارضة الداخلية للجامعة التونسية لكرة القدم من مرحلة البلاغات التوضيحية والبيانات التنديدية ب "ديكاتورية" الرئيس وديع الجريء إلى "حرب" مُعلنة في المنابر الإعلامية. وقد جاء قرار تجميد نشاط "الرباعي المُنشق" ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن العلاقات بين أعضاء جامعة الكرة دخلت طريق اللاّعودة خاصّة أن النية تتّجه نحو تدويل القضية التي تَتضمّن حسب "الخَارجين عن الصفّ" جملة من الخروقات القانونية والإجراءات التَعسفية ما يستوجب تدخلات فورية من الهياكل المحلية والخارجية لوضع حدّ ل "ألاعيب" الجريء الذي تجاوز كلّ الحدود. وفي سياق الصراع المفتوح بين حِلف الجريء و"الرباعي المُعاقب" اختارت "الشروق" مُحاورة "زعيم" المُتمردين وأوّل "المُنقلبين" على "النظام" وهو بلال الفضيلي الذي يفتح النار على رئيس الجامعة بعد أن تمادى في "تَغوّله" ورفض تطبيق الشورى في مكتبه. في البدء ما هي الأسباب الحقيقية التي جعلتكم تُعلنون العِصيان وتَخرجون عن طاعة "السّلطان المُعظّم"؟ لقد تحرّكنا لسببين اثنين وهما الخطر المُحدق بمستقبل الكرة التونسية والشّعور الدفين بالقهر والتهميش داخل جامعة خاضعة للحكم الفردي المُطلق بقيادة وديع الجريء الذي يَعتبر نفسه فوق الجميع. وقد وقفنا عن كثب على سياساته الاستبدادية والخَرق المفضوح لكلّ المواثيق الرياضية والقانونية وأصبحنا على يقين بأنّ الرّجل طَغى ولا أمل في كَبح تجاوزاته حتّى أنّه أصبح يسمح لنفسه بإستقبال النقابيين والسفراء بصفته كقائد لجامعة رياضية لا صلة لها بالأنشطة السياسية. ومن هذا المنطلق اتّفقنا على مواجهته بالطّرق الحَضارية وأصدرنا جملة من البلاغات لوضع النقاط على الحروف وحتّى تَتطّلع العائلة المُوسّعة لكرة القدم على حجم التجاوزات الحاصلة في الجامعة وقد أكدنا في بياناتنا المتكرّرة (وهي وسيلتنا الوحيدة للتعبير عن آرائنا) أننا أبرياء من كلّ الاجراءات الأحادية والقرارات الارتجالية للجريء. يَعتقد البعض أن رحلة المنتخب إلى الإمارة القطرية مَثّلت الشرارة الفعلية لإنقسام الجامعة إلى شقين فهل تُشاطر هذا الموقف؟ بالتوازي مع استفراد الرئيس بالرأي كنت شاهدا على فَضيحة حقيقية صلب المنتخب الوطني أثناء سفرته الخليجية المثيرة للجدل فقد وقع تكليفي آنذاك بمرافقة الفريق لأكون العين الساهرة على راحة وسلامة عناصرنا الدولية في هذه المحطّة التحضرية وفي الأثناء حدث ما لم يكن في الحُسبان وما لم يخطر على بال "الشيطان". فقد كانت الصّدمة شديدة بفعل المهزلة الكبيرة التي شهدها معسكر "الدّوحة" بعد أن سمح الإطار الفني للمنتخب بقيادة نبيل معلول بإستقبال وكلاء اللاعبين على مرأى ومسمع من الجميع. وفي ظلّ هذا الحدث الخطير سارعت بِمُهاتفة رئيس الجامعة وديع الجريء وأعلمته بالأمر وبتأثراته السلبية على الأجواء العامّة للمنتخب ومساهمته في "تشويه" صورة الفريق المتأهل إلى الكأس العالمية. ولئن كانت صَدمتي الأولى قوية فقد كانت الثانية أعنف بما أن الجريء رفض إتّخاذ أي إجراء ردعي تُجاه المدرب وامتنع عن "مُساءلته" بحجّة أن الظّرف دقيق والفريق على أبواب المشاركة في المونديال في حين أن مصلحة المنتخب كانت تستوجب آنذاك الضرب بيد من حديد لتصحيح المسار وإصلاح الهفوة الفادحة بالذّهاب إلى قطر. بالتوازي مع حكاية "السّماسرة" الذين يُعشّشون في محيط الفريق يحمل خطابك إشارات ضمنية عن مؤاخذات أخرى على هذه الرحلة فما هي؟ اضافة إلى مهزلة الوكلاء والغضب الشّعبي العارم على برمجة هذه الرحلة وما رافقها من تصريحات استفزازية من قبل المدرب بان بالكاشف بأن تلك المحطة التحضيرية التي خطّط لها المدرّب لم تَنفع عناصرنا الدولية في شيء وقد اكتشف الجميع هذه الحقيقة الدّامغة من خلال المُخلّفات السلبية لهذه السفرة على الأجواء العامّة وأيضا على صحّة بعض "الكَوارجية" وقد امتدّت الأضرار والخسائر إلى الجمعيات الحَاضنة (بسبب الإصابات والإرهاق في صفوف بعض المشاركين في التربص علاوة على قطع نسق البطولة دون مُوجب). وبالتأمل في القائمة المُونديالية للمنتخب نلاحظ من الوهلة الأولى أنّ عدد اللاعبين المُتربصين في "الدّوحة" يُعدّون على الأصابع وهو ما يؤكد بدوره بأنّ منتخبنا لم يسافر إلى منطقة الخليج من أجل التحضيرات البدنية والفنية بأحدث التقنيات في عالم كرة القدم وإنما لغايات في نفس يعقوب. وقد بادرت شخصيا بحزم حقائبي ومغادرة المعسكر انتصارا لسمعة "النسور" وجاءت الأحداث التي أعقبت تلك الرحلة لتثبت للجميع صِدق التحذيرات التي أطلقناها بسبب شَطحات المدرب وسط صَمت رئيس الجامعة الذي لم يكتف بتوفير الحماية لمعلول بل أنّه أمر ب"إقصائي" من المنتخب بدل أن يُقابلني بالإحسان. وأذهب أكثر من ذلك لأؤكد أن مهازل الرحلة القطرية لم تتوقّف في حدود التجاوزات المذكورة بل أن السفرة ذاتها تطرح جملة من الاستفسارات المنطقية حول "الهجرة" الجماعية لخيرة عناصرنا الدولية إلى الخليج إثر العودة من "الدّوحة". وهذا السؤال مشروع وتَلهج به الكثير من الألسن التي يعتقد أصحابها بأن عملية "الهِجرة" هذه كانت مُنظّمة ولم تكن تلقائية كما يزعم البعض. كيف تردّ على الجهات القائلة بأن هُجومك على معلول يدخل في نطاق الحسابات الشخصية؟ أوّلا، صراعنا ليس مع المدرب المستقيل نبيل معلول فحسب بل أنه يشمل كذلك وديع الجريء وذلك لأسباب وجيهة تَتعلّق بالتجاوزات الحاصلة في المنتخب والمكتب الجامعي. ثانيا، نؤكد أن "جبهة المُعارضة" تضمّ علاوة على شخصي السادة محمّد الحبيب بن مقداد وحنان السليمي وسنان بن سعد ومن غير المعقول أن يتحرّك جميعهم بدافع الحسابات الشخصية. أعلنتم "الحَرب" على معلول منذ تربّص "الدّوحة" لكنّكم عارضتم "انفصاله" عن المنتخب فأيّ تفسير لهذا "التّناقض"؟ الأمر لا يتعلّق بخطاب مُزدوج كما يتوهّم البعض وإنّما أصل الحكاية تكمن في تحفّظنا على إبعاد معلول من منصبه وتسريحه ل "الدحيل" القطري بطريقة مشبوهة. ذلك أن رئيس الجامعة أعلن في حوراه مع القناة الوطنية بأن المدرب الوطني حقّق 80 بالمائة من الأهداف المرسومة وعَدّد الجريء جملة المكاسب والمنافع التي شهدتها عناصرنا الدولية في "العَصر الذهبي" لمعلول وأكد وديع كذلك أنه لا يوجد أيّ مبرّر للتفريط في هذا المدرب الفريد من نوعه في تاريخ تونس هذا قبل أن يعقد الرجل جلسة استعجالية غَيّب فيها عددا من أعضاء الجامعة لتسهيل عملية انتقال معلول إلى "الدّحيل" بشكل باطل. وكان من المفروض على رئيس الجامعة تشريك كافّة أعضاء الجامعة قبل اتّخاذ هذا القرار المهمّ والذي كان يستوجب التصويت بالأغلبية المُطلقة تماما كما حصل أثناء تَعيين المدرب المذكور. وبالتوازي مع عدم شرعية هذا القرار نطرح جملة من الاستفهامات والتساؤلات حول "النَوايا" الحقيقية من استعجال "الانفصال" عن معلول بصفة مَجانية وفي ذلك هضم للحقوق المعنوية والمادية للمنتخب بما أن "الكوتش" اختار الرحيل بملء إرادته الشيء الذي يُجبره على دفع التعويضات. ونتساءل عن المستفيد من هذه الصّفقة ونستفسر عن السرّ الكامن وراء عقد إجتماع طارىء لمنح الضوء الأخضر لرحيل معلول. والأطرف من ذلك الجامعة كلّفت مديرها الفني يوسف الزواوي وبعض أعضائها لتقييم مشاركتنا المُونديالية ولا نعرف حقّا ماذا ستفعل الجامعة في صورة التأكد من وجود أخطاء فنية فادحة ارتكبها معلول؟ فهل أن أنها ستجبله من قطر لمُعاقبته؟ والحقيقة أن عملية التقييم المزعومة هي فصل آخر من فصول المهزلة التي عاشها المنتخب بقيادة مدربه المُستقيل. بعد تسريح معلول أمر الجريء بتجميدك أنت ورفاقك في "الكِفاح" لمدّة شهرين مُتتابعين فماذا أنتم فاعلون؟ هذا الإجراء باطل ويندرج ضمن سياسة الاستبداد التي يسلكها رئيس الجامعة الذي يُبيح لنفسه خرق القوانين وتجميد المسؤولين في الجامعة والرّابطات التابعة. ويفرض المنطق والقانون والأعراف أن يجتمع المكتب الجامعي بحضور كافة أعضائه المنتخبين وهم 12 أمّا في "فلسلفة" الجريء فإنه لا مكان إلاّ لمن كان من "المُوالين" و"المُناشدين" ومن يختلف معه في الرأي فإن مَصيره "العِقاب". عُموما سنطعن في شرعية الاجتماع المنعقد بتاريخ 18 جويلية لدى الهياكل الدولية وسنعلن التحدي حتى النّصر ليقيننا بأن قضيتنا عادلة ولعلمنا بأن كلّ الجهات الراغبة في التغيير ستقف في صفّنا. وقد كانت بوادر هذه "الثورة" مُشجّعة بما أن التحرك الذي بدأ بثلاثة رجال وامرأة نجح في كسب تعاطف العديد من الجمعيات والمُحامين و"الكَوارجية" والإعلاميين الأحرار وهم العين الكاشفة ل "الخنّار" والفاضحة لتجاوزات النّظام المتسلّح ب"ماكينة" دعائية لتلميع صورته والتستّر على فضائحه وقد أصبح الشارع الرياضي على علم بكل الأبواق المُطبّلة له في بعض التلفزات والإذاعات بل أنّ المواطن البسيط على دراية بأسماء كلّ الوجوه الإعلامية والرياضية والقانونية المُتورّطة في "لُعبة" الجريء. أيّ دور للوزارة في نِزاعكم مع رئيس الجامعة؟ قدّمنا لسلطة الإشراف ملفا كاملا عن جملة الخروقات والتجاوزات الحاصلة في الجامعة والمنتخب الوطني في فترة المدرب المُستقيل نبيل معلول وقد أمرت الوزارة المكتب الحالي (وبالأحرى نصفه الناشط) بتقديم الإيضاحات واطلاعها على جملة التّنقيحات التي يعتزم الجريء القيام بها في الجلسة العامّة ليوم 24 أوت القادم. ونأمل طبعا أن تكون وقفة الوزارة حازمة في هذا الملف "الخطير" والذي من شأنه يُغيّر وضع الكرة التونسية وتَجدر الإشارة إلى أن "الملف الأسود" لرئيس الجامعة لا يتضمّن التَعدي على القوانين فحسب بل أنه يشمل كذلك حالة الضَبابية في المسائل المالية كالنّفقات على المونديال واللقاءات التحضيرية التي تحوم حولها عدّة شبهات علاوة على مستحقات المدرب المُستقيل الذي لا أحد استطاع فكّ "لُغز" العقد الذي كان يربطه بالفريق الوطني وتبدو فرضية "التلاعب" في هذه العلاقة التعاقدية مطروحة خاصة أن العقد وقع تنقيحه ليمتد إلى 2022 دون الكشف عن التفاصيل. ولا نَغفل طبعا عن ملف آخر غامض وجلب لنا العار وهو التحكيم الذي وضع عليه الرئيس يديه رافضا إصلاحه والنّهوض به ليستعيد مكانته القارية والعالمية وقد كنّا نُمنّي النفس بأن نُقنع الجريء بتغيير الوجوه المُشرفة على القطاع لكنّه ألحّ إصرارا على تجديد ثقته فيها لأسباب مفضوحة. يطرح البعض سُؤالا معقولا حول عدم مبادرتكم بتقديم استقالة رسمية طالما أن "العيشة" مستحيلة مع الجريء فهل من ايضاحات؟ أردنا أن نَضرب درسا في الديمقراطية ونُحارب "المنظومة" الاستبدادية من الداخل. كما أن إعلان الاستقالة يَعني أن نسمح لرئيس الجامعة بتسجيل نقطة اضافية لفائدته بما أنّ قوانينه الجائرة تمنع الأعضاء المُنسحبين من الترشح في الانتخابات المُقبلة. يتساءل البعض أيضا عن وضعية "خَامسكم" الذي كان في صفّكم ثمّ عاد إلى حِلف الجريء والكلام عن أمين موقو. فهل تفسيرات في هذا الموضوع؟ نحن نرحّب بكل الراغبين في تَبنّي قَضيتنا سواء كانوا من داخل الجامعة أوخارجها ونحترم كذلك الزملاء الذين اختاروا نُصرة رئيس الجامعة لأنّه لكلّ طرف قَناعاته. ختاما ماذا تقول؟ أؤكد أنّه لا تنازل عن القضية والأمل مُعلّق على الأصوات الحرّة لقلب الوضع والرجاء كلّ الرجاء أن تتخلّص الجمعيات من سياسة الرّكوع وتُسقط النظام القائم إنقاذا للكرة التونسية.