الشروق مكتب الساحل: تنفرد بساتين وحدائق طبلبة في كامل منطقة الساحل بغراسة شجيرات الفل وإنتاج أزهاره العطرة الزكية الرائحة وهي مصدر أساسي للرزق لعديد العائلات في جل مدن الساحل الشرقي للبلاد التونسية التي تعلم أبناؤها وحذقوا صناعة المشموم الطبلبي الذي يتميز عن غيره في عدة خصائص أبدعته الأنامل وتفنن العقل في تشكيله وترصيفه وتزيينه بمواد أخرى ألوانا وأزهارا. ويصنع المشموم الطبلبي من سيقان الحلفاء وتثبت إليها وترصف أزهار الفل من أسفلها بواسطة خاتمها الأخضر أو التاج، وتسمى هذه العملية «ترشيق الفل» وتُجمع بعدها الأعراف وتُضم إلى بعضها البعض حتى تستوي على شكل دائري منتظم تشد من أسفله بلفائف الخيط وتشكل مخروطا بالأسفل ليأخذ قبضة اليد وكلما زاد قُطر دائرة المشموم اتساعا تصنع حلقات من الورق المعدني تسمى «انجاصة» تسند إليها أعراف الحلفاء ليصل قطر المشموم إلى 50 صم أحيانا بالنسبة إلى بعض الطلبات الخاصة جدا. وفي فصل الصيف تفوح روائح الياسمين والفل من مشموم تتفنن الأيادي في إعداده حتى صار من المهن الموسمية التي توارثتها الأجيال، ومنذ الصباح الباكر تقطف أزهار الفل مختومة الأكمام قبل طلوع الشمس حتى لا تفقد زيوتها وعطرها بمفعول الحرارة ولتحافظ على نضارتها، وما هو متعارف عليه أن فصل الصيف هو الموسم الخاص بالفل الا أن ما يخفى عن العديد أن «الصنائعية» تنطلق أعمالهم منذ فصل الشتاء لتحضير الحلفاء التي يتم جلبها من القصرين. «الشروق» تحدثت إلى بعض الحرفيين والحرفيات حول هذه الحرفة التي توارثوها جيلا بعد جيل بل تم نشرها في عديد المناطق الساحلية. وحذقت إقبال وهي تلميذة بالتعليم الثانوي هده الحرفة من عائلتها وهي مختصة في صناعةالمشموم وخاصة القلادة التي تتقنها بمهارة عالية، وقد حدثتنا إقبال بتلقائية كيف ينطلق يومها مع الفل حيث بعد جمع الفل في الصباح الباكر تجتمع العائلة لترشيقه على أعواد الحلفاء ليتم فيمابعد ربطه وإخراجه في أشكال مختلفة تحلو للناظرين حيث تختلف الأحجام فلكل مشموم مكانته وحجمه. من جهته حدثنا نعيم التومي عن هذه الحرفة التي يعتبرها صناعة تقليدية تستحق أن تدرج في السجل الوطني للحرف التقليدية باعتبار أن هذه الصناعة تنطلق منذ فصل الشتاء فترة إعداد الحلفاء وتنطلق فعليا من شهر جوان لتتواصل إلى شهر أكتوبر من السنة. وتحدث التومي عن ازدهار هذه الصناعة وانتشارها في مختلف المناطق معتبرا أن طبلبة هي الأم والمنبع لهذه الصناعة فأهلها يهتمون بها منذ القدم بحكم مناخها الذي يساعد على زراعة شجيرة الفل.