الحمامات عاصمة الفل والياسمين وموطن صناعة المشموم الذي فاحت رائحته في عديد المدن وحتى خارج الحدود داخل التراب الفرنسي وهذا ماجعل اهالي الحمامات يحافظون على هذا المنتوج الفلاحي التقليدي الذي يمثل مورد رزق لعشرات العائلات. لمزيد التعريف بأهمية هذه النبتة نظمت الغرفة الفتية العالمية بالحمامات مهرجان الحمامات الذي اقتصر على امسية وحيدة بوسط المدينة. علاقة حميمية تربط الحمامات بزهرة الفل التي يعود تاريخ استغلالها التجاري إلى سنة 1930 فقد كانت االفلة وحتى الياسمينة الزهرة المدللة داخل جل حدائق المنازل وكان اصحاب البيوت يعدون بانفسهم المشموم على طريقتهم الخاصة فمنهم من يخير رائحة الفل لوحدها والبعض الآخر يخير الياسمين كما نجد من يصنع المشموم المختلط بجمع زهرتي الفل والياسمين ليخرجوا ويتباهوا به في أمسيات فصل الصيف الطويلة واستنشاق روائحه الزكية بعد يوم كامل من العمل والتعب...كما يمتد موسم أزهار الفل من 15 جوان إلى 15 أكتوبر وتزهر نبتة الفلة خلال الموسم الواحد أربع مرات ويصل عمرها إلى 60سنة.
وارث عائلي
بقيت العديد من العائلات لوحدها محافظة على نبتة الفل وصناعة المشموم وهذا ما افادنا به الشاب جمال بن زهرة (35سنة) الذي وجدناه داخل ورشة حية بالمعرض بصدد القيام بمختلف المراحل لصناعة المشموم قائلا لنا «لقد تعلمت صناعة المشموم عن والدي محمود بن زهرة الذي تعلم بدوره عن جدي خليل بن زهرة الذي كان من الأوائل ومن اشهر منتجي الفل وصانعي المشموم كما قمت انا بدوري بتعليم صديقي الموجود معي الآن عبد الباقي. فعملنا يتواصل على امتداد السنة أولا بالعناية بالنبتة وحمايتها من المرض اوالموت وعندما يدخل موسم استغلالها في الصيف ننهض يوميا باكرا لجمع الفل والياسمين من الساعة الخامسة إلى الساعة التاسعة صباحا قبل أن يشتد الحر ونقوم بإعداد اعراف الحلفاء وقصها متساوية ثم تأتي مرحلة ترشيق الفل وهوما يعني وضع الفلة في أعراف الحلفاء ليقع بعد ذلك تجميعها وربطها في أحجام مختلفة حسب رغبة الحريف وبالنسبة لعملية الترويج فتسير بطرق مختلفة عن طريق الوسطاء أوالبيع مباشرة للحريف كما يصل مشموم الحمامات يوميا إلى عديد المدن التونسية الأخرى مثل نابل وتونس وسوسة وكذلك يصل حتى فرنسا وبالنسبة لسعر المشموم فلم يرتفع كثيرا ويتراوح ثمنه بين 600 مليم ودينار كما تصنع القلائد كذلك التي يحبذها النسوة إلى جانب صنع المشموم الكبير الحجم والخاص بالعروس والعريس يوم الزفاف..»
المهرجان في حاجة إلى الدعم والتطوير
اقتصر كما أشرنا هذا المهرجان على أمسية واحدة تمثلت في معرض نصب بوسط المدينة واحتوى على بعض اللوحات الوثائقية للتعريف بالفل والياسمين إلى جانب الورشة الحية ومسابقة صنع أحسن مشموم بمشاركة فريق من شخصين فقط من الحرفيين ومشاركة جمعية الفنانين التشكيليين بالوطن القبلي ببعض اللوحات التشكيلية حول الأزهار بصفة عامة وعازف على العود.وفكرة تنظيم هذا المهرجان أعادتنا إلى سنوات الثمانينات عندما كان ينتظم عيد الفل بالحمامات على امتداد أيام من الفقرات التنشيطية والعروض الفنية المتنوعة والمشاركة المكثفة للحرفيين قبل ان تندثر لأسباب مختلفة...والمهم ان فكرة العودة تعتبر ايجابية ولا بد من العمل على دعمها وتطويرها لتتواصل على عدة أيام بداية من السنة القادمة نظرا لانعكاساتها الإيجابية على المجال السياحي وغيره.